أطلق عليهم بمحبة من طيبة البصرة ( الأخوة برونتي) : ناظم المناصير.. سعد عبد الوهاب.. طارق المناصير : ثلاثتهم يكتبون الروايات. وثلاثتهم قرأت رواياتهم : طارق المناصير، قرأت روايته (الثمن الأخر) في 2013 وناظم قرأت له (أسوار من الدخان) وها أنا اليوم اتحدث عن (مريم) رواية سعد عبد الوهاب وهو شقيقهما : طارق / ناظم.

(*)

هي رواية بصرية الفضاء. تجري أحداثها في سنوات رخاء المدينة. قبل الحروب. تتوزع الرواية بين عائلتين لشقيقين.  حياة العائلتين تتسم بالرفاهية والتفاهم والسارد الحيادي يوزع الرواية بين فضائيّ البيت والجامعة حين كانت في (التنومة).. إذن الرواية أحداثها قبل حرب السنوات الثمانية

(*)

مفتتح الرواية مبهم. لكن حين تنتهي من قراءة الرواية وتعود للصفحة الأولى

تشعر أن بداية الرواية نهايتها. وكأن بداية الرواية لها تراتبية المقدمة في الكتب. فهذه المقدمات التي تستقبلنا في كافة الكتب هي خلاصة الخلاصة

للكتاب.

(*)

ثمة مفردات لها فاعلية العلامات المغوية. حين يذكر السارد مفردة (أبو شعير) فأنني أراني في منطقة الجزائر اتناول المرطبات أو الحلويات من محلات (أبو شعير) وحين يذكر منطقة (الكواز) تأخذني أقدامي لكلية باب الزبير أو نحو العشار وسأكون في رفقة عصام حين يخرج من فرن الصمون

(مستديرا نحو شارع بشار قاصدا مبنى بلدية البصرة الواقع أمام مجمع المحاكم في منطقة السيمر/ 37).. حين يدخل عصام إلى مبنى البلدية اتركه واتعقب خطوات (أبو عصام)  في أزقة المشراق وادخل معه مسجد بن عيد لإداء الصلاة/ 43.. وحين يتسلل الطلبة من الدوام ويدخلون سينما (أطلس) سأرى طالبا يعرفني يقفز سياج اعدادية الكفاح وبعد ثلاث خطوات يدخل سينما الكرنك. وحين يذكر السارد أشهر مربي الأجيال وأعظم مدرس لغة انكليزية الأستاذ لورنس .. فأنا سأكون مع نجله عصام  لورنس نتمشى على كورنيش شط العرب. ونناقش رواية (الفولاذ كيف سقيناه) للروائي نيقولاي استروفسكي

(*)

العلاقة بين الشقيقين كالتالي من وجهة نظر مريم (عمي سيطر على أبي... إنه مجرد موظف لدى عمي وكذلك محمود/ 38)

(*)

سايكولوجية الملابس مرتهنة بالأعراف والتقاليد،(فالعوائل المتزنة تبقى محافظة على تلك الأعراف والتقاليد وإلا وصفت بأوصاف غير حميدة/ 74) هذا الكلام جعل حذام شقيق عصام تكبح رغبتها (هي أرادت أن تدخل على أمها بملابس غير تلك التي لصقت بها منذ وفاة والدها) وهنا يصول السارد ويجول قائلا ( وهل يحق لها تغيير اللباس الأسود وأبدالهُ بآخر ملون؟ ماذا تقول عمتها؟ وماذا ستقول أمها؟ وماذا سيقول المجتمع؟) ما الذي تريد قوله حذام؟ شخصيا أرى حذام على الحق والمجتمع كله على باطل : حذام هي الأخت التي تريد فرحة ً لشقيقها. تريد أن تبشرّه أن مريم تريده زوجا لها

فكيف يتناسق الفرح وهي ترتدي سواد العزاء؟

(*)

حتى يجمع السارد رأسين بالحلال، أعني عصام ومريم. سيتقمص دور المخرج السينمائي : للتخلص من شخصية أمجد، ابن عمها الذي عليها ان تكون حليلته : تنتهي حياته بحادث مروري على طريق أم قصر

(*)

أين تكمن موضوعة الرواية؟ الحياة الاجتماعية لكل الاطراف متناغمة

وما يجري في أروقة الجامعة ينتج سؤالا : لماذا رفضت حذام زميلها حازم؟

ويمكن صوغ السؤال بطريقة ثانية : لماذا تحجج حازم بتأخير خطوبتها وهو من الطبقة المرفهة فهو في تلك السنوات كان يملك مركبة فارهة؟

(*)

موضوعة الرواية مرتبطة بالهندسة الوراثية. عصام ذريته كلها من الإناث

ويريد ذكراً يحمل اسمه طمعا بخلود عائلي، سيحصل عصام على الولد بطريقة شرعية، يجعل من الأرملة الشابة الجميلة فاطمة زوجته..

وستغادر مريم بيت الزوجية وتلوذ بأبويها..

(*)

بصورة عامة : لا صعوبة يلاقي الفعل الروائي حين يبدأ بصناعة الرواية. لكن كل الروائيين يكابدون صعوبة في صناعة قفل الرواية

(*)

المصادفات في الحياة مقبولة، لكن المصادفات في الروايات تحتاج وسائل اقناع .. فجأة يخبرنا السارد عن عصام (اكتشاف ورم في صدره وهو لا يعلم ما هو، ومتى سيشفى منه؟ كل ما أخبره الطبيب أنه لا مناص من العلاج الكيميائي وعليه الذهاب إلى بغداد لا كمال علاجه في بغداد/ 112)

هذه النهاية للرواية غير مقنعة وكذلك المصادفة التالية وهي أن مريم أيضا انجبت ولدا واسمته عاصم.. ضمن تقنيات الحكايات هذه المفاجأة مسموح بها ويتقبلها القارئ. لكن في السرد الروائي يختلف الحال.

*سعد عبد الوهاب طه/ مريم/ مؤسسة البصرة للطباعة والنشر/ ط2/2022

ورقتي المشاركة أمسية مؤسسة أقلام الريادة الثقافية / قصر الثقافة والفنون في البصرة 7/ 6/ 2022

عرض مقالات: