اختتمت المنظمة الديمقراطية المتحدة للشباب- قبرص (إيدون) (EDON)، الجناح الشبابي للحزب التقدمي للشعب العامل (AKEL)، نهاية الأسبوع الماضي مهرجانها السنوي السابع والثلاثين للشباب، والذي نُظم على مدار ثلاثة أيام في نيقوسيا مطلع تموز/ يوليو.
وشاركت في المهرجان وفود من نحو 15 منظمة شبابية تقدمية من مختلف أنحاء العالم، من بينها اتحاد الشبيبة الشيوعية في البلاد، ممثلًا بالرفيقين حسين حلاج وعيدو عيلام.
تحوّل هذا المهرجان عبر العقود إلى تقليد نضالي راسخ، ومساحة حيّة للتفاعل الفكري والثقافي والتضامن الأممي. وتنوّعت فعالياته بين أكشاك تمثل منظمات محلية ودولية، وورش عمل، وحلقات نقاش، وعروض فنية وموسيقية ومسرحية، جعلت منه تظاهرة جماهيرية تعبّر عن روح النضال والتجذر السياسي.
وشكّلت المشاركة الشبابية القبرصية الواسعة تعبيرًا عن وعي متزايد واستعداد للعب أدوار طليعية في معارك التحرر والعدالة الاجتماعية. وتجلّت الرسائل السياسية للمهرجان في شعاراته، حيث رُفعت أعلام فلسطين وقبرص الموحدة و"أكيل" و"إيدون"، ليُصبح شعار "الحرية لفلسطين – الحرية لقبرص" العنوان الأبرز.
هذا الشعار لم يكن مجرد تعاطف رمزي، بل تعبير عن وعي سياسي عميق يرى في القضية الفلسطينية امتدادًا طبيعيًا لنضال الشعب القبرصي ضد الاحتلال والانقسام والإمبريالية.
وفي تصريح لصحيفة "الاتحاد"، قالت فوتيني خارالامبوس، رئيسة مكتب العلاقات الدولية في اللجنة المركزية لـ"إيدون": "المهرجان السابع والثلاثون للشباب والطلبة صنع تاريخه الخاص. بمشاركة نحو 700 متطوع و150 فنانًا، وبشعارات من أجل السلام وتوحيد قبرص، والحرية لفلسطين، ومن أجل عالم أكثر عدلًا – أثبتنا مجددًا أن عندما تكون الأيديولوجيا بوصلة لنا، وعندما نكون منظمين ومناضلين، لا نحلم بعالم آخر فقط، بل نصنعه".
وأضافت أن "المدينة الدولية" للمهرجان، التي استضافت 15 منظمة من الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأميركا، إلى جانب اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (WFDY)، تجسد الأممية والتضامن كأدوات نضال مشترك.
واختتمت: "هذه المشاركة الأممية خطوة جديدة لتعميق التعاون، وتبادل التحليلات والتجارب بين الحركات الشقيقة. ما يوحدنا كثير، وعلى رأسه النضال ضد نظام عالمي متعفن، وسننتصر."
بدوره، قال أمارال جونزالو، رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، لـ"الاتحاد": "نحن نثمّن هذا النوع من المبادرات التي تعزز الروابط بين المنظمات الشبابية حول العالم. منذ نحو 80 عامًا، والاتحاد يلعب دورًا في تعبئة الجماهير الشابة ضد الإمبريالية والاستعمار والفاشية، وما زال اليوم أكثر ضرورة من أي وقت مضى."
وتابع: "واليوم، أكثر من أي وقت مضى، من الضروري أن نلتفت إلى اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، وأن نفهم – انطلاقًا من إمكانيات كل منظمة – أن هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو، والاتحاد الأوروبي تتطلب حتمًا تعزيز أوسع جبهة شبابية موحدة على الصعيد العالمي، خصوصًا في ما يتعلق بالحاجة الملحّة إلى السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وبشكل خاص من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني"
وتابع بشأن المهرجان: "كانت هذه أولى مشاركاتي فيه، ومن المذهل رؤية مدى تعبئة الشباب القبرصي حول قضاياهم اليومية، من التعليم العام، إلى العمل بكرامة، إلى وحدة البلاد واستقلالها."
أما الرفيق حسين حلاج، فقال: "مشاركتنا لم تكن رمزية أو شكلية، بل فعل أممي يحمل أبعادًا نضالية حقيقية. في زمن تتصاعد فيه أصوات القمع والفاشية وتُمارس الأنظمة شتّى أنواع التهميش للحركات التقدمية، تأتي هذه المشاركة كتجسيد لأهمية التواصل والتعاون الواضح والحقيقي بين الحركات الشبابية الثورية.
وتابع: "إن مفهوم التضامن بين الشعوب بالشكل العام ايضًا ليس شعارًا من أجل الدعم المعنوي لبعضنا البعض، بل أداة استراتيجية لتطبيقها على ارض الواقع في مواجهة جميع اشكال الاستعمار والاستغلال، ورافعة لتبادل التجارب في مختلف الجوانب منها التنظيمية والسياسية. فمن خلال هذه اللقاءات، تنكشف أمامنا زوايا لا نراها في أوطاننا، وتُضاء أمامنا خرائط جديدة للفعل السياسي والتجذير التنظيمي، بعيدًا عن الحدود المصطنعة التي رسمتها الإمبريالية.
وأضاف: "في هذا السياق، تبرز ضرورة إيصال صوتنا ومواقفنا إلى العالم، لا من خلال الشعارات وحدها، بل عبر الفعل العملي الميداني. فالعزلة السياسية التي تُفرض علينا، تتطلب منا كسر جدران الحصار الإعلامي والدبلوماسي، وبناء تحالفات قائمة على الوضوح والمبدئية، تُظهر للعالم حقيقة نضالنا، وتضعه أمام مسؤولياته. فكل منبر أممي نصل إليه، هو فرصة لفضح جرائم الاحتلال، ولتأكيد شرعية قضايانا، ولفتح آفاق جديدة للتأثير الدولي المباشر، بعيدًا عن انتظار من يتكرم بالإنصات لنا".
واختتم: "تزداد أهمية مشاركة اتحاد الشبيبة الشيوعية الإسرائيلي، في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، حيث يتعرض لحصار سياسي وإعلامي داخلي بسبب مواقفه المناهضة للاحتلال ودعمه لقضايا الشعب الفلسطيني العادلة. فالحضور في ساحات العمل العالمي هو أيضًا رسالة تحدٍّ واضحة: بأن القمع لا يكسر الإرادة، وأن الانتماء للإنسانية هو بوصلتنا الأخلاقية والسياسية رغم ضيق المساحات وتضييق الحريات".
بدوره، قال الرفيق عيدو عيلام للاتحاد: "في الأسبوع الماضي كنت في نيقوسيا للمشاركة في مهرجان ’إيدون‘ السابع والثلاثين. كان مذهلًا. التقينا بحركات شبابية وشيوعية من مختلف أنحاء العالم، وتحدثنا عن نضالاتنا المتنوعة، وتأثير الإمبريالية على مجتمعاتنا."
وتابع: "شعرت بالالتزام العميق لدى رفاق ’إيدون‘، الذين استضافونا في مقرات الحزب، وخصصوا لنا جناحًا داخل المهرجان. المهرجان مبني بالكامل على عمل مئات المتطوعين الذين يؤمنون برسالة التنظيم ورسالته."
وأضاف: "لدينا الكثير لنتعلمه من ’إيدون‘، الذين يناضلون أيضًا ضد الاحتلال في بلدهم. معًا، نستطيع أن نفهم كيف يرفع كل تنظيم الوعي بقضية الاحتلال داخل بلده، خاصة بين صفوف الشباب."
وأكد: "المهرجان ليس مجرد فعالية ثقافية، بل مساحة يمكن فيها للتنظيم أن ينمو ويتطور، ويعرض نفسه على من لم ينضم بعد. ويجب أن نحافظ على العلاقة بين ’إيدون‘ وشبيبتنا، ونواصل المشاركة فيه لربط نضالنا بالنضالات التقدمية في قبرص والعالم."