أحيا الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم في بريطانيا، وبحضور جمهور واسع من أصدقاء الحزب والقوى الديمقراطية والوطنية ، وممثلي بعض الاحزاب الشقيقة على الساحة البريطانية ، منهم ممثل الحزب الشيوعي السوداني في المملكة المتحدة وايرلندا ، الرفيق عبد الرحيم ابايزيد، كما حضر الحفل ممثل عن عرب الاهواز الكاتب و الناشط يوسف عزيز، ممثلا عن مركز مناهضة العنصرية و العرب في الاهواز ، والسيدة روشا زنكنة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ، أحيوا جميعا ، الذكرى الخامسة والستين لثورة تموز 1958 المجيدة وذلك مساء الجمعة الرابع عشر من تموز الحالي على قاعة كنيسة ريفركورت بهمرسمث غرب لندن.
بعد أن ابتدأ الحفل بالوقوف دقيقه حداد على أرواح شهداء الحركه الوطنية، رحبت عريفة الحفل الرفيقة شذى بيسراني بالحضور، ثم حيت الذكرى 65 للثورة، متحدثة عن معنى ودلالة الاحتفاء بهذه المناسبة التاريخية العزيزة على قلوب العراقيين، والرسالة التي تكمن خلف الاحتفالات والمسيرات التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي وبمشاركة واسعة من القوى الديمقراطية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني وجمهور غفير من فئات الشعب العراقي. كما أشارت إلى التغيرات العميقة التي أحدثتها الثورة في المجتمع العراقي، في حين عمّ الحزن والهلع في معسكر الدول الاستعمارية، حيث أصدرت الولايات المتحدة أوامرها في اليوم التالي، 15 يوليو/ تموز، بإنزال قوات الأسطول السادس الموجود في البحر المتوسط في لبنان، للتأهب للدخول إلى بغداد وإعادة النظام الملكي. وأنزلت بريطانيا قواتها في الأردن للغرض نفسه بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة، إضافة إلى إعلان حالة الإنذار لقطعاتها العسكرية في الخليج، وخصوصا في الكويت والبحرين.
بعدها ألقى الرفيق شوكت الاسدي سكرتير منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا كلمة منظمة الحزب بالمناسبة ، قال فيها :
نلتقي اليوم لنحتفل بالذكرى الخامسة والستين لثورة الرابع عشر من تموز الخالدة، الثورة التي أحدثت تغييرات عميقة في المجتمع العراقي، وحققت مكاسب وانجازات سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى، ما زالت مضيئة إلى يومنا هذا في ذاكرة الشعب العراقي وكادحيه من العمال والفلاحين وسائر شغيلة اليد والفكر.
لم تكن الثورة فعلا طارئا وليد الصدفة المحضة، ولا حركة إعتباطية دفعت بها ظروف عارضة، بل جاءت تتويجا لنضالات الشعب العراقي ضد المحتل البريطاني الغاشم، والتي بدأت فعليا مع ثورة العشرين المجيدة اعقبتها انتفاضات ووثبات عديدة قادتها الأحزاب الوطنية، مثل وثبة كانون 1948، التي اسقطت معاهدة بورتسموث الجائرة وانتفاضة 1952 و1954 و1956، رافقتها نشاطات سياسية توجت عام 1957 بتشكيل جبهة وطنية من الأحزاب الرئيسية والمتمثلة آنذاك، بالحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقلال وحزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي.
وأضاف : لقد كانت ثورة 14 تموز 1958 بحق ثورةً شعبية اصيلة وليست انقلاباً عسكريا كما يحاجج البعض، والواهمون بأن نوري سعيد والحكم الملكي كانا يمكن أن يصنعا نظاماً ديمقراطياً في العراق.
ومنذ الأيام الاولى للثورة، بدأت النشاطات المعادية والمؤامرات ضدها من قبل المتضررين من إنجازاتها وخطواتها الاقتصادية والاجتماعية، وكان بضمن هؤلاء بعثيون وقوميون وبقاياها الموالين للنظام القديم، وبدعم مكشوف من الخارج، إقليميا ودوليا، وبمشاركة فاعلة من الدوائر الاستعمارية وخصوصا الامريكية والبريطانية. وقد تعمق هذا النهج المعادي لتطلعات الشعب العراقي، بالتزامن مع تراجع المنسوب الوطني والديمقراطي لقيادة الثورة وبروز النزعات الفردية والمعادية للديمقراطية لديها على نحو جلي.
وكما هو متوقع استغلت القوى المعادية للثورة المثالب ونقاط الضعف التي يعاني منها الحكم الوطني، واستطاعت في المطاف الاخير الاطاحة به في انقلاب 8 شباط 1963 الأسود، حيث ارتكبت مجزرة يندى لها جبين الانسانية بحق الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين وغالبية ابناء الشعب العراقي، وقامت بنسف كل الانجازات والايجابيات التي حققتها ثورة تموز، خدمةً لأسيادها واستجابة لحقدها الدفين في معاداة وكره كل ما هو تقدمي وديمقراطي.
بعدها تطرق إلى غزوا العراق من قبل امريكا التي ساهمت وبشكل كبير إلى ظهور المحاصصة الطائفية، واكد على إنّ الدرس الاهم الذي يمكن استخلاصه من ثورة الرابع عشر من تموز، هو ضرورة الوحدة الوطنية، والتخلص من حالة التشتت والتشرذم والطموحات الذاتية على حساب القضايا العليا للشعب والوطن، والعمل المثابر من اجل بناء اصطفاف سياسي وشعبي يقود إلى تغيير ميزان القوى السياسي والجماهيري لصالح الطامحين إلى التغيير الشامل، وهم الغالبية العظمى من العراقيين.
لقد عمل حزبنا الشيوعي العراقي، وما يزال، على جمع صفوف المنادين بالتغيير والعاملين من أجله، وتعزيز عمل التيار الديمقراطي وتحقيق وحدة عمل القوى المدنية والديمقراطية، وتعزيز تحالف قوى التغيير الديمقراطية. وعلى الرغم مما تحقق واهميته وضرورته، فهناك المزيد المطلوب على هذا الطريق، والتصدي بيقظة وحزم لشتى المحاولات والمساعي، المكشوفة والمستترة، للحؤول دون توحيد صفوف هذه القوى وتوسيع مساحة المشتركات بينها.
انّ قوى التغيير مطلوب منها اليوم ان ترتقي إلى المهام الكبرى المطلوب إنجازها وان تجعل من انتخابات مجالس المحافظات والمشاركة الفاعلة فيها فرصة للتعريف بها وببرامجها ومواقفها، وميدان صراع سياسي آخر، وان تكون احدى روافع التغيير المنشود.
ثم استمع الحضور إلى كلمة المقهى الثقافي العراقي في بريطانيا والتي القاها الفنان فيصل لعيبي، قائلا، تحتفل القوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية بذكرى ثورة 14 تموز المجيدة، التي يراد لها ان تُنْسى ويُهال عليها تراب الزمن، والتي ينعتها أعداؤها بالانقلاب العسكري الدموي، لكن الحقيقة الفاقعة تقول انها نتيجة جهود القوى الوطنية ونضالاتها الطويلة التي قدمت الشهداء تلو الشهداء ضد النظام الملكي الإقطاعي الرجعي. والتي تكلل نضالها في إقامة جبهة الإتحاد الوطني عام 1957، وبعد التنسيق مع مجموعة الضباط الأحرار وتخطيطهم المحكم.
ثم تطرق إلى انجازات الثورة الثقافية وقال، من الضروري الحديث عن منجزات الثورة الثقافية المهمة، فقد قامت بإنشاء العديد من المؤسسات الثقافية والفنية، مثل تأسيس مصلحة السينما والمسرح وإقامة الموسم المسرحي الأول ودعمت الثورة الفرق المسرحية الأهلية. وتم بناء ما كان مرسوما على الورق فقط أيام الحكم الملكي ، مثل ملعب الشعب ومتحف الفن الحديث وإفتتاح مقر جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين وبناء قاعات عرض وتأسيس مدرسة الموسيقى والباليه ووضع الحجر الأساس لمتحف الآثار، التي ساهمت مؤسسة كولبنكيان في بناء قسم منها .
ودعت الثورة الفنانين التشكيليين لإقامة نصب فنية عن نضال الشعب وأصبحت رموزا لبغداد، كنصب الحرية لجواد سليم وجدارية فائق حسن وتمثال الآم لخالد الرحال وكذلك نصب الجندي المجهول لرفعة الجادرجي وغيرها من النصب والجداريات التي انتشرت في المحافظات المختلفة، التي أصبحت هدفاً لرصاصات ردة شباط 1963 بعد ذلك لتظهر طبيعة هذا الإنقلاب المعادي للفن والإبداع أيضاً. كما أسست الثورة جامعة بغداد .. وبنت آلاف المدارس وارسلت الاف الطلبة في بعثات خارج العراق بهدف عودتهم للمساهمة في بناء العراق على أسس علمية، واحتفت بالعلماء العرب وبالتاريخ المضيء للحضارة الإسلامية، كإقامتها للمهرجان الكبير للفيلسوف العربي الشهيرأبو يوسف يعقوب إبن إسحاق الكندي وغيرها من الفعاليات الإبداعية التي عرفتها سنواتها القليلة التي عاشتها.
ثم ألقت الناشطة النسوية نضال ابراهيم كلمة رابطة المرأة العراقية فرع بريطانيا ، اكدت من خلالها على الانجاز الكبير التي حققته المنظمات الديمقراطية في فرض علنيتها وفتح مقراتها في بغداد، ففتحت رابطة الدفاع عن حقوق المرأة مقرها في مبنى الإتحاد النسائي العراقي وقامت عضوات الرابطة باتصالات واسعة بين النساء وتشكيل فرق نسائية طرقت أبواب البيوت لشرح أهداف الثورة الوطنية، وحثت النساء على تأييد الثورة وتحشيد الجهود للعمل داخل رابطتهن.
بعد نجاح الثورة توجهت الرابطية السيدة نزيهة الدليمي وعفيفة رؤوف إلى وزارة الداخلية لتقديم طلب إجازة الرابطة.
ومن انجازات الثورة لصالح المرأة العراقية التي تطرقت لها المتحدثة ، هو تشريع قانون الأحوال المدنية والذي رد الإعتبار للمرأة العراقية والتي غيبت حقوقها طوال النظم السابقة، فأقر قانون مساواتها بالرجل في الميراث وعادل شهادتها في المحاكم مع الرجل، كذلك حدد تعدد الزوجات وأقر قانونا لصالح المرأة في هذا الجانب وبذلك صان كرامتها وفسح لها المجال للعب دورها الكامل في محيط الأسرة والمجتمع وساواها مع الرجل في الحقوق والواجبات.
واضافت ، تعاني الأسرة العراقية في الوقت الحالي في ظل نظام المحاصصة ، من مشاكل عدة ، حيث ازدادت حالات الطلاق وارتفعت وتيرة العنف ضد المرأة والأخطر من ذلك محاولة قوى الظلام تمرير قوانين رجعية تنتقص من آدمية المرأة وتغتال إنسانيتها.
ويبقى هناك أمل أن نعمل مع كل القوى المحبة للعراق كي تخلو شوارعنا من المشردين والمعوزين والكسبة الجوالين من الأطفال وأن تختفي طوابير العاطلين عن العمل من الشباب. نتطلع إلى وطن فيه النساء محميات بقوانين رادعة تحفظ كرامتهن وانسانيتهن.
ثم تقدم الناشط شافي الجيلاوي ممثلا عن تنسيقية التيار الديمقراطي في بريطانيا وايرلندا ، بالتهنئة لجميع العراقيين بمناسبة ثورة 14 تموز واسقاط النظام الملكي الاقطاعي الذي مارس شتى وسائل التعذيب و الارهاب على القوى الوطنية والتقدمية ، واضاف ، أثبتت ثورة تموز بأن مبدأ الثورة هو الطريق الشرعي لتحقيق مطالب الشعوب في الحصول على حقوقهم ومطاليبهم المشروعه ، وفعلا استطاعت الثورة ، وفي وقت قصير نسبيا من تحقيق الكثير من المكاسب في جميع المجالات ، والتي عجزت عن تحقيقها الحكومات السابقة واللاحقة ، وبغض النظر عن بعض الثغرات التي تحصل في اغلب الثورات ، الا ان ثورة ١٤ من تموز قد رسخت مبدأ مهما الا وهو ان النضال الوطني الواعي والمسؤول ، يحقق للناس نقلة نوعية في مسار التطور والتنمية على كل الاصعدة ، بعكس ما يتبجح به البعض من المتحذلقين الذين وللأسف يحاولون تقويض وتقزيم هذه الثورة العظيمة ، التي قدم من أجلها شباب العراق دمائهم مضحين بأرواحهم من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.
ومن اجل انهاء المحاصصة وخروج العراق من الماسي التي يتعرض لها، دعا الجيلاوي في كلمته جميع شباب تشرين والاحزاب المدنية إلى تجميع نشاطها وتوحيدها من أجل تحقيق التغيير المنشود واقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
كما هنأ ممثل الحزب الشيوعي السوداني بكلمة قصيرة الشعب العراقي والحزب الشيوعي العراقي بثورة 14 تموز، وعبر عن تضامن السودانيين مع نضال الشعب العراقي من اجل تكملة مسيرة الثورة، واشار إلى تشابه الظروف بين العراق والسودان، وتكالب الاعداء عليهما من اجل نهب ثروات البلدين وتحجيم دور القوى التقدمية والديمقراطية، كما ادان الحرب المسعورة في السودان، وتحدث في كلمته عن دور الشيوعيون السودانيين في وقف الحرب.
كما تحدث الكاتب يوسف عزيز ، عن تاثير ثورة 14 تموز على الشعب العربي في الاهواز ، وكيف مارس نظام الشاه انذاك دوره في تشويه سمعة الثورة وارهاب القوى التقدمية الايرانية التي ابدت دعمها و اساندها لثورة الرابع عشر من تموز ، واكد على تضامن الاهوازيين مع نضال حزبنا وشعبنا من اجل تحقيق اهدافه في اقامة الدولة المدنية الديمقراطية.
وخلال الاحتفالية تم عرض بعض الافلام الوثائقية من قبل المخرج الرفيق على رفيق، التي توضح دور الشيوعيين العراقيين في انجاح ثورة الرابع عشر من تموز ومساندتهم للزعيم عبد الكريم قاسم، من خلال زج الالاف المؤدين للثورة في تظاهرات كبيرة
وكان للشعر حضور ممتيز مع قصائد مختارة للشاعرة دلال جويد، بدأتها بقصيدة إلى وطني:
رسالة إلى الوطن كان عرسي فرحة الميلاد في ليل التمني
أيها الساكن في جرحي وفي أنداء لحني
انني دفلى لعينيك خلقت
فاحتضنّي احتضنّي
واحتو كل سهادي
وانطفائي واتقادي
حين أعلنت غرامي أزدهرت أفياء روحي كي تغني
لحنك الموعود في عطري وفي بسمة حزني
آآآه يا طيفا تأرجح بالأماني الباقيات
في ذؤابات فؤادي
وطني عشق الأغاني
ضوع طيب
فرحة الحب بعيني
وطني
بعدها قرأت قصائد متنوعة اخرى منها خلف السدة، وهنا في البعيد وكذلك احبك الا يكفي وختمتها بقصيدة افتراقي، وكان الشاعر الشعبي قيس السهلي حاضرا في الحفل، حيث انشد بعضا من قصائده في الشعر الشعبي منها 14 تموز:
شمس 14 تموز حمره ..
فخرت ابيوت الطين
و لیل 14 تموز گمره ..
كيف و حنة امعرسين
و نجم 14 تموز ضَوّه ..
درب الشغيله و درب المساكين
يوم 14تموز ثوره ..
رد الحكم بيد العراقيين
ثم قرأ، قصيدة وطنه وختمها بقصيدة علمني شوگچ
وفي الجانب الفني من الحفل قدم الفنانان مازن ونورة باقات من أغانيهم المحببة التي أشاعت أجواء الفرح بين الحاضرين.
هذا وقد زينت القاعة ببعض الشعارات عن ثورة تموز وصور الشهيدين سلام عادل والزعيم عبد الكريم قاسم .
هذا وتم نقل الاحتفالية مباشرة على طريق الفيس بوك من خلال صفحة الرفيق سميرطبلة .