قبل انفكاك عقد الجبهة بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث الحاكم، وضع الاخير برنامجا واسعا لإنهاء الحزب الشيوعي خلال خمس سنوات، بعد ان عرف البعث ان الحزب الشيوعي العراقي له جماهيره الواسعة، ومنظم بشكل يخيف البعثيين، من خلال نشاطاته المختلفة الثقافية والفنية ودفاعه عن الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين من ابناء الشعب العراقي.

 وقد انتقد الحزب اجراءات السلطة ضد المواطنين، وادان استحداث اجهزة قمع جديدة، كما ادان سياسة تصعيد الارهاب والاغتيالات والتنكيل ضد الحزب الشيوعي والأحزاب الاخرى.

كانت قيادة الحزب الحاكم قد أعدت خططها وبرامجها لتحقيق هذه الغاية وهذا ما توضحه، وثيقة صدرت بداية عام 1978 عن القيادتين القومية والقطرية تتضمن الخطة العامة والخطط التفصيلية للحزب الحاكم وأجهزته في مواجهة الحزب.

ومما جاء في برنامج عمل حزب البعث للتعامل مع الحزب الشيوعي العراقي.

  • إضعاف دور الحزب الشيوعي في إطار التحالف واستثمار ذلك في إرباك وضعه التنظيمي واهتزاز صورته أمام الجماهير بهدف قطع صلته بالجماهير وانحسار تأثيره السياسي، ويعني تحويل الحزب الشيوعي العراقي إلى هيكل لا يستطيع منافسة أو تهديد حزبنا وسلطته، وقطع الطريق عليه وحرمانه من الكسب والتوسع، ومن ثم وهذا جوهر الخطة (إستمرار العمل لتصفية وجوده كليًا خلال السنوات الخمس القادمة، ما لم يتلاءم مع الثورة ويتعايش مع نهجها).
  • البرنامج يستمر لخمس سنوات من عام 1977 إلى 1982.
  • وهذا يتطلب تعميق وتعميم الأساليب الصحيحة (لإنهاء دور الحزب الشيوعي) وتقليص وإنهاء إعتماد الأساليب التي أثبت التجارب خطأها واستبدالها بأساليب علمية مدروسة مع التقيد بهدف تصفية الحزب الشيوعي العراقي وعلى المدى الزمني المحدد. وعدم التسرع والتوسع في الإجراءات الأمنية وإثارة الضجة التي تلحق ضررًا بالحزب وتستثمر لصالح الحزب الشيوعي العراقي داخليًا وخارجيًا.

وتشير الوثيقة الى إن التكتيك يقوم على:

  • الاستمرار في دعوة اللجنة المركزية لإجراء حوار لمعالجة الخلل الحاصل في علاقات التحالف، وإشعارهم أن الملاحقة لتنظيماتهم ستتوقف، عندما يعلن الحزب الشيوعي انتقاده (لبيانه سيء الصيت)، وإقرار بقيادة الحزب للجبهة والسلطة والمجتمع (المقصود هو تقرير اللجنة المركزية في آذار 1978ـ الكاتب).
  • التأكيد المستمر على تمسك البعث بالجبهة.
  • التأكيد على جديتنا في مطالبة الحزب الشيوعي بإعادة النظر في سياسة التبعية واعتبار ذلك شرطًا لاستئناف العلاقات.
  • التأكيد على استمرار حزب البعث في سياسة إعدام العناصر المرتبطة بالأحزاب الأخرى والتي تمارس نشاطًا سياسيًا في القوات المسلحة.
  • يمتنع الحزب عن كل تثقيف يتعارض مع روح التحالف، ويبلغ بعدم نشر أي موقف فكري يتعارض مع فكر ونهج الثورة.

وتضيف الوثيقة إلى إن تنفيذ هذه السياسة تنفذ من قبل الهيئات التالية:

  • مهام تنجزها القيادة القطرية.
  • مهام تنجزها اللجنة القيادية.
  • مهام تنجزها المنظمات الحزبية.
  • مهام تنجزها الأجهزة الأمنية.

المهام التي تنجزها القيادة القطرية تتضمن:

  1. تعميق العلاقة والصلة بالإتحاد السوفيتي والبلدان الإشتراكية بما يطمئنهم على استمرار علاقات الصداقة بهدف تقليل اهتمامهم بالحزب الشيوعي العراقي.
  2. تحديد نهاية العام الدراسي وعلى مراحل لتصفية جهاز التربية والتعليم والإعلام من العناصر الشيوعية ومؤيديهم.
  3. التنسيق مع أطراف الجبهة الأخرى للتضييق على الحزب الشيوعي واستمرار مجلتي الدستور والوطن العربي بالتشهير بالحزب الشيوعي العراقي.
  4. إعادة النظر بالتمثيل في المنظمات الدولية والإجتماعية والإتحادات العالمية والمهنية وغيرها لإخراج الشيوعيين منها.

المهام التي تنجزها اللجنة القيادية تتضمن:

  1. يقدم (الرفاق) العاملون في خطوط مائلة والعناصر المتعاونة مع حزب البعث والأجهزة الأمنية تقاريرهم إلى اللجنة لدراستها والاسترشاد برأي القيادة القطرية.
  2. الحفاظ على الكوادر الشيوعية المتقدمة والمتعاونة مع الثورة.
  3. دفع العناصر المتعاونة معنا وبموافقة الحزب الشيوعي للاختفاء والإنتقال إلى مناطق أخرى بهدف كشف المنظمات غير المكشوفة.
  4. تهيئة العناصر القيادية المرتبطة بنا مستقبلاً لقيادة انشقاق حزبي ودراسة ذلك بإتقان.

المهام المناطة بالمنظمات الحزبية  تتضمن:

  1. التنسيق بين المنظمات الحزبية والأجهزة الأمنية المختصة لملاحقة العناصر السيئة واتخاذ الإجراءات القانونية.
  2. بذل الجهود مع الشيوعيين المكسوبين وخاصة العناصر البارزة في تنظيم الحزب الشيوعي للإستمرار مع الحزب الشيوعي وكتابة التقارير ورفع المعلومات للحزب (البعث).
  3. إعتماد وسائل الإغراء المادي والوظيفي وتوثيق عرى الصداقة واستخدام وشائج القربى في الضغط وكسب الشيوعيين وأولادهم والإهتمام بنوعيتهم.
  4. رصد اجتماعات خلايا الحزب الشيوعي.
  5. توجيه عناصر داخل تنظيماتهم باقتناص الفرص لإنهاء العناصر المتشددة ضد السلطة وتسقيط أخطائهم والتشكيك بهم.

 المهام المناطة بالأجهزة الأمنية تتضمن:

إستمرار الأجهزة الأمنية في رصد نشاطات الحزب الشيوعي وجمع المعلومات الدقيقة عنهم والاستمرار في زرع الوكلاء والتعاون مع المنظمات الحزبية.

وتشير الوثيقة الى إن الجزء الأكبر من الهدف قد أنجز في محافظات القطر (الوسطى والجنوبية) وتعثر في المنطقة الشمالية بسبب الظروف الموضوعية والذاتية، لذلك يجب التوجه جديًا لإضعاف الحزب الشيوعي في المنطقة الشمالية وإعداد خطة خاصة لهذه المنطقة، ورفد التنظيم والأجهزة الأمنية بعناصر فعالة لاستكمال تفتيت تنظيم الحزب الشيوعي.

وأكدت دوائر الأمن والمخابرات والإستخبارات، التي أعدت الخطة، على إن إنهاء الحزب تتطلب معرفة خطط الحزب وأسراره وتشكيلاته وتنظيماته العسكرية والمدنية والركائز وغير ذلك من المساعي، تحت شعار (إذا عرفت خطط عدوك فلن تخسر أية معركة تخوضها).  كما عملت على تجنيد المخربين من العناصر القريبة من الحزب أو من عوائل شيوعية. وكانت المخابرات تختار عناصرها ممن تتوفر فيهم الإمكانيات في معرفة أساليب الحزب الشيوعي العراقي وتنظيماته والقابلية في المناقشة والتحليل والاستنتاج واستيعاب تطور الحركة الشيوعية في العراق. ومن الشُعب الخاصة لمحاربة الحزب كانت الشعبة الخامسة، الواقعة في بغداد - الكاظمية، التي لعبت دوراً تخريبيا وقمعياً بشعاً في تاريخ العراق إبان تلك الفترة.

وقام النظام بإيجاد مجموعة خطوط في القرى والمدن وتشكيل شبكة واسعة من المخبرين وخاصة من النساء وزجهن للقيام بعلاقات إجتماعية وبالمال والجنس وزعزعة الثقة بالحزب وإشاعة اليأس والبلبلة، وبالتالي تغير القناعات بواسطة الضغط والترهيب أو التعذيب الجسدي والنفسي والابتزاز العائلي. وكانت أغلب العناصر تتلقى التدريب في (معهد ابن الهيثم وجامعة البكر- متخصصان في الدراسات العسكرية والامنية) .

لقد أرغم القمع البشع الذي تعرض له الحزب على أيدي النظام البعثي، الشيوعيين على حمل السلاح للدفاع عن إنفسهم وحزبهم، صعدوا الى كردستان وجبالها ورفعوا السلاح من اجل هيبة الحزب ورفاقه. وعندما بدأ العمل الأنصاري، كان النظام يخطط لإنهاء الحزب الشيوعي العراقي ودوره في البنية السياسية للمجتمع، فعمل على إيجاد ركائز عميله له في المناطق التي تتواجد فيها أحزاب المعارضة ومنها الحزب الشيوعي العراقي. واستحدثت الأجهزة الأمنية ُشعباً خاصة لمحاربة الشيوعية كفكر وتنظيم من خلال تهيئة كوادرها وتدريسهم في دورات خاصة لمحاربة الفكر الشيوعي عمليًا وفكرياً، وإيجاد خطط وبرامج لهذه المواجهة. وانعكست هذه الأمور بمجملها على العمل الأنصاري وذلك من خلال دس العملاء ورسم الخطط لضرب الأحزاب المتواجدة في الساحة الكردستانية بعضها بالبعض الأخر. وقد نجحت بعض محاولاتها، حيث حدثت الكثير من المعارك التي أدت إلى خسائر بين صفوف المتقاتلين، وهذا ما كشفته الوثائق التي تم الحصول عليها بعد انتفاضة آذار 1991.

كما سعى النظام إلى تخريب علاقة الحزب الشيوعي مع الأحزاب الوطنية والقومية من خلال توسيع شق الخلاف والقيام بإجراءات تساعد على الاقتتال، ومنها إرسال بعض العملاء للرمي بالسلاح بصورة متعمدة على مفارزنا أو بالعكس، وهذا بطبيعة الحال أثر على العلاقات خاصة بين الحزب الشيوعي والإتحاد الوطني الكردستاني.

كما سخرت السلطة كل إمكانياتها وخبرة أجهزتها في العمل المضاد للأنصار والسعي إلى اختراق الحركة بالمندسين والعملاء، مما أدى إلى وقوع ضحايا وخسائر، وفي الوقت نفسه كانت خبرة الحركة في هذا المجال وإجراءاتها المقابلة دون المستوى المناسب.

وواصل البعث، في هذه الفترة، نصب الفخاخ والكمائن وإشاعة نوع من القلق والاضطراب في كردستان كأرسال العبوات المفخخة ودس السم في علب الحلوى ووضع المتفجرات في اجهزة الراديو والمسجلات. مثلما حدث في يوم 26 كانون الاول في مقهى ناوكليكان، فقد وضع سائق سيارة علبة من حلوى البقلاوة مدعيا أنها هدية جاء بها لاحد اعضاء لجنة الحزب الشيوعي المركزية، وحينما قام صاحب المقهى قادر بيكس بفتحها، دوى انفجار هائل كان هو اول ضحاياه وقتل معه ثلاثة من اقربائه.

وعمل النظام على إسقاط المناضلين سياسيا واجتماعياً، وعمد الى إعتقال البنات والاعتداء عليهن وتصوير ذلك، ومن ثم مساومتهن وعوائلهن بهذه الصور والافلام مقابل أن يضعن إنفسهن في خدمة مخططات النظام. وحاول النظام الإستفادة من بعض الرموز الشيوعية السابقة والخارجة عن الحزب مستغلاً العلاقات الإجتماعية لهذه الشخصيات ودفعها لتكوين تنظيمات بديلة للحزب أو مغازلة وجهات النظر المتفقة مع توجهاتهم في داخل الحزب لتشكيل ثقل تنظيمي.

ويشير الصحفي حسن العلوي الى محاولات دؤوبة وناجحة لشراء بعض العناصر في الأحزاب الاخرى، او استدراجها باستخدام العلاقات العائلية والطائفية والادارية، وإبداء رعاية خاصة للأتباع الذين يرفعون المعلومات عن اشقائهم وابائهم واقربائهم.

ومن الاساليب التي إتبعها النظام والتي جاءت في ملفات في اروقة الأمن العامة عن الحزب الشيوعي العراقي، تحديد الهدف الذي تروم الأجهزة الأمنية الوصول اليه، ثم كسب الشخص ودفعه لترك التنظيم، واشعاره بانها على اطلاع بمجمل تحركاته، ومن ثم إعتقاله وإطلاق سراحه لزرع الشكوك عليه لدى العاملين معه بالتنظيم نفسه، وتسريب خبر ذلك للناس.

كما استخدم النظام اسلوب دنيء ولا اخلاقي، حيث كانوا يعمدون الى اعتقال العنصر الشيوعي وإطلاق سراحه في نفس اليوم مما يسبب ارباكا في تنظيمات الحزب الشيوعي ويبدأ التشكيك في موقفه مع الأجهزة الأمنية ويشيع حذراً منه. وقد عملت على توجيه عناصرها الأمنية في كشف الشيوعيين بطريقة تسجيل الحديث كتابة او عبر المسجل، وهذا ما تشير اليه ملفات الاجهزة الامنية (اجرينا مقابلة مع أحد الاشخاص وبعد اقناعه للإدلاء بالمعلومات اشترط عدم تدوين ما يدلي به والاكتفاء بالاستماع اليه، ولكون معلوماته مهمة فقد وافقنا على ذلك واستطعنا توفير اجهزة فنية بشكل سريع وغير مثير للشك وتم تسجيل حديثه. وثمة شخص اخر طرح الشرط نفسه وكانت المقابلة في السيارة اثناء السياقة لذلك فقد اعتمدنا على الذاكرة في تسجيل ما ادلي به من معلومات).

وتابعت الأجهزة الأمنية والمخابراتية في صراعها مع تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي، البريد الوارد من منطقة كردستان الى التنظيمات في المحافظات، وحين كانت تحصل على البريد تقوم باستنساخه، وغلق المظروف وارساله الى الجهات المعنية لغرض إيهامها بعدم إنكشافه وبهذا يستمر التشبيك والتضليل وكشف مصدرها ونشاطاته. ومن الأمثلة على ذلك، ما حدث عام 1980 حين ارسلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي من بيروت بريدا حزبيا مع أحد المراسلين. وعند القاء القبض عليه عثر على جوازات مزوره مرسلة لتهريب كوادر حزبية من داخل القطر. وفي نهاية عام 1982 ألقى القبض على مراسل حزبي مرسل من قيادة الحزب في المنطقة الشمالية الى تنظيم لجنة منطقة بغداد، وعثر بحوزته على رسالة مذيلة بتاريخ 4/12/1982 ورد فيها - نحتاج الى هويات صالحة للاستعمال، وكذلك نحتاج الى الهويات الجديدة خاصة نماذج منها مثلا دفتر الخدمة العسكرية هويات الدوائر الحكومية.

وقامت الأجهزة الأمنية بدعوة عناصرها واجهزتها الأمنية في جميع المدن على الحصول على الرسائل الحزبية المرسلة من الحزب الشيوعي الى تنظيماته لمعرفة تطور الاحداث وعمل التنظيم الحزبي، حيث يذكر كتاب ملفات الأجهزة الأمنية، ولكن الجانب المهم في هذا الموضوع يتمثل في امكانياتنا الدقيقة لفتح الرسائل واعادتها الى وضعها الطبيعي وارسالها الى الجهة المرسلة، كما انه يتمثل في مدى الاستفادة مما يرد من معلومات في الرسالة وقابليتنا على التحليل والاستنتاج بالنسبة للمعلومات غير المكشوفة او المكتوبة بالشفرة، وهذا يتطلب بطبيعة الحال ممارسة مستمرة تؤدي الى الوصول الى الاسئلة من خلال الاجابات الواردة بالرسالة، وردود الفعل بالنسبة للطلبات او الاخبار الواردة فيها، لكي نستطيع ان نتعامل مع هذه المعلومات بشكل يحقق لنا الهدف الذي نسعى لتحقيقه.

وقامت الأجهزة الأمنية بمتابعة الرسائل الحزبية وكيفية استخدام الشفرة من الحروف والارقام والرموزوالتي تحتاج معلومات جيدة في الرياضيات واللغة والمتخصص والمطلع على هكذا تجارب، وكيفية الكتابة بالحبر السري وكذلك اعطاء جداول خاصة لطريقة الكتابة وفهم ما يكتب في الرسائل ومضمونها ورموزها. ان العاملين بالأجهزة الأمنية عليهم الانتباه عند العثور على قصاصات ورقية لدى العناصر المقبوض عليها، او في الاوكار الحزبية، او ضمن البريد الحزبي الذي يطلعون عليه، مكتوب عليها موضوع مستنسخ من مجلة او كتاب، حيث ان استنساخ هذا الموضوع هو دليل على استخدامه.

وحدثني الرفيق والنصير لطفي حاتم (ابو هندرين) الذي كان المحقق في قاطع بهدينان للذين يلتحقون بالحركة الأنصارية، عن ذلك فقال:

(.. نعم أستطيع بكل ثقة القول ان الحركة الأنصارية وبسبب تعاونها مع المنظمات الحزبية وكذلك يقظة الرفاق استطاعت تحجيم العمل المخابراتي وتم كشف الكثير منهم وابطال مخططاتهم التجسسية الا ما حصل بالنسبة للعميل ممو في أربيل الذي الحق اضرارا بالرفاق بعد القاء القبض عليهم. في بهدينان لم يتضرر الحزب والحركة الأنصارية كثيرا بسبب كثرة لجان التحقيق في السرايا والافواج ومعرفة الأنصار بطبيعة الملتحقين وسرعة معرفة توجهاتهم).

وكانت مديريتا الإستخبارات والمخابرات ترفد فروعها بنشاطات الحزب وتوجيه إلى متابعة عناصره، ومن أجل تنبيه مصادرهم إلى نشاط الحزب فقد وجهت لهم في كتاب سري صادر في 25/2/1985 يقول (إتخذ أحد الخطوط التنظيمية للحزب الشيوعي العراقي في منطقة الفرات الأوسط، عدة أوكار في محافظة بغداد لغرض متابعة الأجهزة الأمنية ومعرفة ساعة خروج ضباط الأمن من دوائرهم وعودتهم إلى بيوتهم وخاصة في الليل بغية التخطيط لعميات اغتيال مدروسة لهم. يرجى إشعار كافة ضباطكم لاتخاذ الحيطة والحذر عند تنقلاتهم وفي علاقاتهم الإجتماعية والتحديد منها).

لقد تطور عمل السلطة بأجهزتها المختلفة ضد الحزب مع تطور الحركة الأنصارية، ومر بعدة مراحل:

المرحلة الأولى: وإعتمدت أساليب الأجهزة الأمنية والمخابراتية فيها على:

  • معرفة الأنصار الوافدين من الخارج ومصادر السلاح ونوعه والطرق التي يمر بها ومواقع (قواعد) الأنصار.
  • تجنيد مخبرين سبق وأن كانوا في صفوف الحزب وتم توظيفهم لصالح الأجهزة الأمنية. وإرسالهم الى الخارج ومن ثم إعادتهم إلى الأنصار.

 

المرحلة الثانية: شكل بعض العناصر المندسة مصدرًا للمعلومات من خلال بقائهم فترة قصيرة وسريعًا ما يتم سحبهم، وكانت مهمتهم محاولات الإحباط وإثارة البلبلة والتشكيك بقدرة الأنصار والتقليل من شأن القيادة. وإعتمدت أساليب الأجهزة الأمنية والمخابراتية فيها على:

  • زج عناصر مخابراتية من القرى، وعلى شكل ملتحقين جدد.
  • إرسال عناصر من تنظيم الداخل تم إسقاطهم (بتراحيل حزبية مزورة).
  • إقامة علاقات بين العناصر المخابراتية في الوحدات العسكرية والحزبية المختلفة.
  • توظيف العناصر النسائية من عوائل شيوعية معروفة.
  • إقامة بعض النساء في القرى بعلاقات مع الأنصار.

لقد استطاع النظام إيجاد بعض الخطوط في قرى كردستان، وقد ساعدت هذه الركائز القوات الأمنية في معركتها ضد قوات الأنصار وبعض تشكيلاتها، من خلال الإلتحاق والتسليم مرة أخرى إلى النظام، إضافة إلى ان بعض العناصر (أنصار) قد تم كسبهم مسبقًا وسلموا بعض المعلومات إلى النظام، وقد تسبب هؤلاء وغيرهم من خسارة الحزب لكوادر حزبية وعسكرية مجربة منهم على سبيل المثال الشهداء (أبو رؤوف واستاذ عزيز وخالد اسماعيل) الذي غدر بهم العميل المزدوج شهاب , و( مجموعة عباس) التي غدر بهم العميل (مامو)، ويضاف اليه مجموعة اخرى (ابو ب) ( ابو هـ ) و( ابو ط ) وغيرهم.

المرحلة الثالثة: وتميزت بالهجوم المباشر

  • زج عناصر لغرض التخريب المباشر وإيقاع الأذى، والإغتيال والتسميم لغرض الإبادة.
  • تشكيل مجاميع لغرض الإلتحاق بحركة الأنصار ثم الرجوع مباشرة أي بعد فترة قصيرة وذلك بعد الحصول على المعلومات عن المقرات والمفارز وأبرز المسؤولين والقادة ...الخ.
  • شراء الذمم من مختاري القرى والرموز وضعفاء النفس، حيث يتم التعامل مع هؤلاء بالقوة ومن خلال تهدديهم بعوائلهم.
  • وقد نجح النظام في تسميم بعض الرفاق العاملين في التنظيم المحلي (الشهيد ابو فؤاد مثلا) ورفاق اخرين في سرية مقر زيوة في قاطع بهدنان (ابو نضال وابو تحسين ودشتي)، او ارسال سموم من خلال الادوية والتي تعتقد السلطة إنها أسهل طريقة.
  • بث الدعاية في الخارج عن الحزب الشيوعي العراقي من خلال كشف رفاقه في بعض الدول التي تعادي الحزب والشيوعية ( في حديث مع الرفيق كامل كرم مسؤول منظمة طهران بعد 1982 يقول، في احدى المرات في طهران، تم توزيع بيان باسم الحزب الشيوعي العراقي ووزع في بعض المناطق التي يتواجد فيها العراقيون ومنها منطقة كوجه مروي ودولة اباد وغيرها. في هذا البيان تم التنديد بالحكومة الايرانية واعتقالهم للشيوعيين العراقيين ومنهم مسؤول المنظمة كامل كرم (ابو علاء). وحين تابعنا الموضوع، اتضح ان بعض من عملاء البعث كتبوا هذا البيان من اجل كشف وجود منظمة للشيوعيين في طهران ومعرفة مكان مسؤول المنظمة) (لقاء شخصي في 18 تموز 2019) .

كما أرسل النظام عملائه الى اغلب الدول التي يتواجد فيها الشيوعيون او المعارضة بشكل عام ومنها لبنان واليمن الجنوبية وسوريا وقبرص اضافة الى الدول الاشتراكية وبالتعاون مع السفارات العراقية في الخارج، وقد جرت اغتيالات في بيروت لرفيقينا اسعد العبيي والشاعر ذياب كزار (ابو سرحان) والذي لا يعرف مصيره لحد الان، ومحاولات اغتيال للرفيق فخري كريم عضو المكتب السياسي آنذاك والتي ادى الى جروح في الوجه تم نقله الى موسكو.

المصـــــــــــــــــــــــــــــــــــادر

-تقيم تجربة سياسة حزبنا النضالية 1968 -1979

-مناضل الحزب ك الاول لسنة 1995

- وثيقة تقيم تجربة الحركة الانصارية للحزب الشيوعي العراقي 1979-1988

-حسن العلوي –العراق دولة المنظمة السرية الطبعة الثالثة

-ملفات الحزب الشيوعي في الاجهزة الامنية –وكتاب صادر من مديرية الامن العامة مركز التطوير الامني (دور المعلومات والخبرة الامنية في متابعة الحزب الشيوعي العراقي –النقيب عبد العزيز عبد الصمد –نيسان 1987)

-لقاء مع الدكتور لطفي حاتم احد المحققين في قاطع بهدنان وهو خريج الاتحاد السوفيتي (اضافة الى الدكتور حكمت الحكيم والدكتور فلاح حاجم

-صلاح الخرسان-صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق

-لقاء مع الرفيق كامل كرم (ابو علاء) مسؤول منظمة طهران تموز 2018

-عزيز سباهي عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ص 170 ج3

(نقيب الامن ,علي برع,المسؤول عن متابعة النشاط الشيوعي يتحدث هو الاخر عن الجبهة وتصوراته عنها,امام صدام حسين وكبار رجال الامن في المؤتمر الاول لمدراء الامن المنعقد في 30 تموز 1978 بقوله (نحن طبعا بتوجيهاتنا وخطة عملنا الامنية نحرص كل الحرص ان تبقى الجبهة ,وفي الوقت ذاته ننشط ونكسب المؤتمنين (الوكلاء)ونحجم نشاط الحزب الشيوعي ونسقط العناصر الضعيفة ونشخص العناصر التي لديها مواقف سلبية ,دون ان نحرج القيادة السياسية للحزب والثورة, ودون ان نأتي بضرر لدائرتنا التي هي بالنتيجة سوف تنسحب تصرفاتها اذا كانت ايجابية او سلبية ايضا على مسيرة حزبنا ونحن معتمدين بخطة عملنا ان نخلق انسجاما بين بقاء الجبهة والمحافظة عليها وحمايتها ,ونبين ان نمارس من المهام الامنية بالشكل الذي لايحرج القيادة السياسية ولا يحرج دائرتنا) .

 

عرض مقالات: