إذ ليس هناك من قادر على منع انطواء علم عراقي خفاق ظلل أرض وطننا ونشر عليها بشائر الحياة الحرة الكريمة بكل خفقة من خفقاته التي يشمخ بها الفكر العراقي التحرري وتفخر بها الأرقام التي عجزت عن احتوائها.

ونحن، تلامذته، ننظر كيف يتوارى نجم دُري يوقد من موجات دجلة، ويشتعل من هدير الفرات، لينير الجبال ووديانها والسهول وهضابها والقلوب وشغافها والعقول بكل فضاءاتها، ننظر ولا قدرة لنا على ديمومة هذا النجم السابح في مجرة الفكر الإنساني التحرري والدليل على مسارات النضال الثوري والقائد نحو الغد الذي اشارت له اشعاعات هذا الكوكب الدري بشخص معلم اجيالنا كاظم حبيب.

ونحن، الذين اجتمعنا في محيط فضائه، وارتشفنا من رحيق علمه، واستقينا من ينبوع فكره، واهتدينا لدرب النضال وهو يقيل عثراتنا نحوه، لم يسعفنا الدهر ان نكون جميعاً الى جانبه فعلاً في يومه الأخير، بعد أن كنا معه كل يوم، نعم كل يوم، على صفحات اطروحاته وتجليات مجلداته التي جعلت وطنه، وطننا العراق، يفخر بأبنائه ويزهو متألقا بما سجلوه له من ملاحم بطولية ثقافة وعلماً ونضالاً على مختلف المستويات وفي كل منعطفات الدهر التي صاغ كاظم حبيب انشودة مسيرتها نحو الوطن الحر والشعب السعيد.

ونحن نتصور قادم ايامنا وقد خلت من ذلك الوحي الذي يثير فينا العزم لنستقبل يومنا بذلك الجد وتلك المثابرة على التواصل دون أن نشعر ونحن امام طود جمع ما حوله في خمس وثمانين عاماً ليصوغ منها فكراً وعلماً واساليب عمل طالما توفرت بمثل ما توفرت في الأجواء التي كان ابو سامر، فقيدنا الغالي، فارسها المهاب.

عزائي بك سيظل يرافقني متشبثاً بتلابيب الذكريات التي جمعتنا في الوطن والغربة، وبجمال الأحاديث التي سهرنا في حواراتها ليال طوال ونهارات أطول، يستزيد فيها علماً من استمع إليك، وثقافة من حاورك، وعزماً من عمل معك. ستظل هذه الذكريات فضاءاتنا التي نعيد فيها وجود شخصك أمامنا بكل ما ارفدتنا به وعلمتنا إياه.

وداعاً صديقي الوفي ورفيقي الغالي وقدوتي في العمل على تحقيق مشتركاتنا الفكرية

عرض مقالات: