شكل مجلس النواب العراقي والبرلمان الكوردستاني لجنة لتقصّي الحقائق بشأن الغزو التركي للأراضي العراقية وجريمة تجريف الغابات وقطع الاشجار. وقامت اللجنة المذكورة بزيارة المناطق الحدودية لمعرفة حجم الاضرار التي لحقت بالبني التحتية وممتلكات المواطنين والتحقيق في واقعة استهداف مدرعة تابعة لقوات البيشمركة في منطقة متينا بإقليم كوردستان واستشهاد عدد من عناصر البيشمركة.

 ومن الجدير بالذكر إنّ الوفد ضم أعضاء من لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي وإقليم كوردستان إلى جانب ممثلين عن الكتل واللجان ذات الصلة.  ولمعرفة عمل اللجنة التقينا بالنائب د. شايان عسكري عضو لجنة تقصّي الحقائق وﺳﺄﻟﻨﺎﻫﺎ:

س / (د. شايان) يطيب لي في البداية ان اشكركم على إتاحة هذه الفرصة، لإجراء هذا الحوار القصير والمهم حول الجرائم والتدخلات العسكرية التركية الاخيرة في إقليم كوردستان ونبدأ بسؤالنا الأول: (ما هو الغرض من زيارتكم للمناطق الحدودية)؟

 ـ د. شايان:

 بعد ان تم تشكيل لجنة مشتركة لتقصّي الحقائق بشأن الغزو التركي الأخير من قبل اعضاء البرلمان العراقي والكوردستاني، قمنا بزيارة محافظة دهوك والتي استغرقت الزيارة يومين (8 و9 حزيران 2021). قمنا بزيارة (قائمقامية زاخو، ناحية ده ركار، باتيفا، بێگوڤا وبازیو، ناحیة كانی ماسی)، وفي يوم الثاني قمنا بزيارة (قضاء اميدي ومواقع البيشمركة في جبل متينا وسه ري ئاميدي، والتقينا في هذه المناطق مع المواطنين ومخاتير تلك المناطق.  

وكان الهدف من زيارتنا متابعة الأوضاع في تلك المناطق وإعداد تقرير شامل عن زيارتنا والتحقيق في حادثة استشهاد مجموعة من البيشمركة في يوم (5 حزيران 2021) وفي يوم 8 حزيران 2021.

وزيارة مواقع قوات البيشمركة الامامية، والاطلاع ميدانيا على أماكن تواجد الجيش التركي ومواقع حزب العمال الكوردستاني.

أضافة الى تحديد حجم الاضرار التي لحقت بممتلكات المواطنين نتيجة الاحتلال التركي.

وتحديد الاضرار باﻟﻨﻈﻢ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﺑﺎﺕ في المناطق الحدودية جراء تجريف الغابات وقطع الاشجار والقصف المدفعي المستمر على القرى وتقديم التوصيات اللازمة التي تختص بالموضوع إلى رئاسة البرلمان والجهات المعنية العراقية والكوردستانية.

 س / ماذا رأيتم خلال معايشتكم الميدانية للوضع في تلك المناطق الحدودية التي زارتها لجنتكم المشتركة؟

 ـ د. شايان:

 لقد علمنا خلال زيارتنا القصيرة، ان هناك أكثر من (60) قاعدة عسكرية وامنية تركية فقط في حدود محافظة دهوك، وان تركيا عمّقت وجودها في الاراضي العراقية بأكثر من 15 كيلومتر.

ومن الجدير بالذكر ان رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي أكد لنا، ان اتفاق عام 1983 بين العراق وتركيا لاستتباب أمن الحدود، يعتبر اتفاق ملغي لأنه كان لفترة محدودة من الزمن.

 وتابعت د. شايان: تركيا تقصف المناطق والقرى الحدودية منذ 25 / 7 / 2015، إلا ان القصف ازداد بشكل كبير منذ 23 / 4 / 2021.

 وبسبب نتيجة العدوان والقصف العشوائي التركي على القرى والمناطق الحدودية، تم استشهاد (50) مواطنا وتهجير (249) قرية ومن المتوقع إخلاء قرى حدودية اخرى بسبب ازدياد وتيرة القصف التركي.

 اما بالنسبة لعمليات قطع الاشجار من قبل تركيا، للأسف لم نستطيع ان نصل إلى المناطق والقرى المجاورة والمهجورة للحدود التركي بسبب المخاطر الامنية الكبيرة. ولكن حسب ما سمعناه من اهالي المنطقة، بان الذين يقطعون ويتاجرون ويبيعون الأشجار هم عملاء (جه ته) لتركيا.

واضافت د. شايان:

تركيا قامت بقطع اشجار (60) قرية حدودية. ومن الجدير بالذكر ان تركيا تقوم بتجريف الغابات منذ عام 1992، الا انها كثَّفت من جرائمها ضد المدنيين العزل في العامين الاخيرين.

هناك اشجار معمرة تصل اعمارها إلى 200 عام، تم قطها وحرقها من قبل القوات التركية.

وعلمنا ايضا بان محافظ دهوك اتصل مع والي شرناخ لمتابعة وتصوير الذين يقطعون الاشجار لمحاسبتهم.

اما الزراعة، فقد تضررت بشكل كبير نتيجة القصف التركي المستمر، حيث تم حرق الاف الدونمات من المحاصيل والاشجار المثمرة. كما تضررت الثروة الحيوانية بشكل كبير في تلك المناطق. وبسبب القصف التركي المستمر لم يعد بإمكان اهالي القرى والمناطق الحدودية الوصول إلى بساتينهم ومزارعهم.

خلال زيارتنا الميدانية استكشفنا بان لتركيا خنادق امامية في جبل ناحية(دركار) وبالقرب من موقع البيشمركة.

في 8 / حزيران الحالي استشهد أحد عناصر البيشمركة بالقرب من موقعه، في حين لا يوجد اي موقع للعمال الكوردستاني في هذه المناطق!

(اما بالنسبة لواقعة جبل متينا وسه ري ئاميدي المكان الذي لقي خمسة عناصر من قوات البيشمركة "الزيرفاني" مصرعهم وأصيب أربعة آخرون بعد استهداف مدرعتهم بصاروخ مضاد للدروع في "جبل متينا" بالقرب من نقطة أمنية للبيشمركة، للأسف لم نصل إلى اي نتيجة تذكر، لأنه تم إزالة ورفع بقايا المركبة المدمرة من مكان الحادث قبل يوم من وصلنا إلى طرفهم، على الرغم من انهم كانوا على علم بزيارتنا للتحقيق في الواقعة!) (1) .

 س / وما هي التعليقات والتوصيات والمقترحات النهائية للجنة:

 ـ د. شايان: خرجنا بتوصيات كثيرة ومهمة منها:

ان من مهام وواجب الدولة العراقية الحفاظ على سيادة العراق ورفض التدخلات الاجنبية، وخاصة في المناطق الحدودية.

ان المناطق الحدودية بحاجة إلى إسناد لوجستي وقطعات دفاعية جديدة، وعليه طالبنا بزيادة عدد قوات حرس الحدود في المناطق الحدودية واتفقنا مع لجنة الامن والدفاع النيابية العراقية ان يناقش هذا الامر مع الحكومة العراقية.

اما على الصعيد السياسي، يجب ان تمارس الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان أقصى الضغوط الديبلوماسية على تركيا لاحترام سيادة البلد والقوانين الدولية وإجبار القوات التركية المحتلة على الانسحاب الفوري من الاراضي العراقية.

على الحكومة العراقية والكوردستانية تعويض اهالي القرى المتضررة.

كما طالبنا المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته وبدوره، وان يمارس ضغوطه على تركيا لوقف تدخلاتها العسكرية في العراق وايقاف انتهاكاتها بحق العراق ارضاً وشعباً.

اود هنا ان اشير إلى نقطة مهمة اخرى:

من احدى المشاكل الرئيسية التي تعاني منها تلك المناطق المغدورة في الإقليم، هي مشكلة انعدام وضعف شبكات الاتصالات المحلية، على سبيل المثال، وصلت رسالة (SMS) إلى هاتفي اثناء الزيارة وكنت على بعد (30) كم من الحدود التركية تقول الرسالة: (نتمنى لكم طيب الاقامة في تركيا.. وكانت الرسالة مرفقة مع اسعار التجوال لشبكة TURKCELL!).

كما تعاني بعض المناطق الاخرى وتحديداً مناطق (دركار وبإيفا حسب اهالي المنطقة) من ضعف الشبكات، وعليه يجب ان تقوم حكومة الإقليم بحل هذه المشكلة مع شركات الاتصالات المحلية.

 ـ كلمة أخيرة تودون قولها في ختام هذا اللقاء القصير معكم؟:

 ـ د. شايان:

 تبين لنا من خلال زيارتنا القصيرة ومعايشتنا الميدانية، أن تركيا لديها أطماع في العراق، وما يحدث حاليا من عمليات توغل بين فترة وأخرى والسيطرة على المناطق الجبلية وقضم المزيد من الاراضي العراقية وقتل المواطنين العزل وقصف بيوت البيشمركة القدامى وإقامة قواعد عسكرية دائمة وتجريف الغابات وجرائم كثيرة اخرى هي رسائل تركية واضحة في محاولة لاستغلال وضع العراق الداخلي الصعب من جهة، وحجة وجود قوات العمال الكوردستاني من جهة اخرى لفرض سياسة الأمر الواقع وشرعنة احتلالها لإقليم كوردستان. 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1 ـ في الخامس من حزيران الجاري، وبالتزامن مع استمرار الجيش التركي هجماته على إقليم كوردستان توجهت قوات من البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى منطقة متينا، وهناك انفجرت إحدى مدرعات البيشمركة، وبحسب أحد عناصر البيشمركة الجرحى فقد استهدفت آليتهم المدرعة من الجو، وعلى إثرها طالبت قوات الدفاع الشعبي الجناح العسكري لحزب العمال الكوردستاني بتشكيل هيئة مستقلة للتحقيق في الواقعة.

 *د. شايان كاكة صالح عسكري، طبيبة متخصصة في امراض السرطان، وعضو في برلمان إقليم كوردستان عن حركة التغيير الكوردية، مواليد قضاء كويسنجق، ملقبة ب(عسكري) نسبة إلى قرية (عسكر) التابعة لناحية اغجلر والقريبة من مدينة كركوك، اكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة والإعدادية والكلية الطبية في مدينة اربيل، واكملت الدراسات العليا في مدينة السليمانية، اثناء فترة دراستها (العليا) فازت بجائزة    IDEA الامريكية (الجائزة الدولية للتطور والثقافة) من قبل الجمعية الامريكية للسرطان في شيكاغو.

عرض مقالات: