في مناسبة ذكرى جريمة بشتئاشان

صدر هذا الكتاب للرفيق المناضل قادر رشيد (ابو شوان) منذ عقدين من الزمن. الطبعة الاولى لم تذكر السنة وخلال المتابعة يبدو صدورها عام 2000 اما الطبعة الثانية فكانت في عام 2008 وطبعت في السويد في دار فيشون ميديا.

يشير الكاتب ابو شوان في كتابه عن معركة دموية مؤسفة بين الاحزاب الكوردية المقاتلة للنظام البعثي. ويقول، في الاول من ايار لسنة 1983 في قرية بشتئاشان في سفح جبل قنديل الوعرة حدثت معركة دموية إثر هجوم قوات الاتحاد الوطني الكردستاني على مقرات الحزب الشيوعي العراقي وحزب الاشتراكي الكوردستاني وحزب باسوك، ونجم عنها خسارة بشرية – مادية لاتقدر، استشهد من الحزب الشيوعي العراقي كوكبة من المناضلين والمناضلات من ذوي الخبرات العلمية والتقنية.

يشير ابو شوان كونه أحد الاسرى الذي وقع بيد الاتحاد الوطني مع القياديين كريم احمد عضو المكتب السياسي واحمد باني خيلاني عضو اللجنة المركزية، ومن خلال ماشاهده بنفسه تلك الاحداث من ظروف الانسحاب والجوع والحرمان وفقدان الطريق اضافة الى فقدان الأحبة من رفاقه من الانصار والنصيرات. يقول الكاتب (لقد بدا هجوم الاتحاد الوطني، وشيئا فشيئا تقترب اصوات القذائف وصدى الطلقات. وفي ليلة الثلاثين من نيسان عقد اعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي المتواجدين هناك اجتماعا، وظهر بأنهم لم يكونوا مؤمنين بجدوى الدفاع ولذلك قرروا الانسحاب من بشتئاشان مع قادة باسوك وحسك، لأنهم توصلوا الى قناعة تامة بان بشتئاشان تتم السيطرة عليها من جانب الاتحاد الوطني). وهكذا بدا الهجوم في ذلك اليوم المظلم ليخسر الحزب ممتلكاته من رفاقه الذين لا يقدون بثمن. وسقطت المحافظة 17 بكل مافيها من اذاعة ومشاجب السلاح والارزاق المختلفة ...انها الكارثة.

سقط اول الشهداء (الرفيق علي حسين بدر- من اهالي مدينة السماوة-خريج جامعة صوفيا (احضر بعض الرفاق جنازة أحد الشهداء العرب فقمنا مع الرفاق الذين احضروا الجنازة ومع الرفيق عرفان بحفر قبر له في القرية ودفناها وألقيت كلمة بهذ المناسبة على ضريحه حيث يقول ابو شوان) ص 26

ويشير الكاتب قادر رشيد في كتابه (في اليوم الاول المقدس من شهر ايار يوم ذكرى شهداء العمال العالمي تمكنت قوات الاتحاد الوطني من الاستيلاء على بشتاشان والمنطقة ، فأصبحت مقرات الاحزاب الثلاثة المؤتلفة في جبهة جود ،الحزب الشيوعي العراقي والحزب الاشتراكي الكوردي وباسوك في قرناقا ،ئاشقولكه وبشتاشان تحت رحمة وقساوة قوات الاتحاد ، فاتبعوا سياسة (اني اعرج واعمى ولا استثني احدا)، فارتكبوا ماكان باستطاعتهم من الاعمال الهمجية والقتل والسلب والنهب والاعتقال والتحقير، ولم يقصروا في اي عمل فأسروا فريشته وفيروز زوجة فاتح رسول وام ليزان مع طفلين رضيعين واخوات عربيات ونقلوهن الى مقراتهم وهناك بدأوا باهانتهن... ص 29

وفي مكان آخر من كتابه يصف المطاردات والاعتقال للشيوعيين منذ 1961 فيقول (فان الحركة الكردية قامت منذ عام 1961 بمطاردة الشيوعيين واعتقالهم..وفي سنة 1964 حيث انشق جناح من الحركة الكوردية عن البارتي، شرع هو ايضا ومع الاسف بالسير في نفس الاتجاه في مطاردة الشيوعيين واعتقالهم وارسالهم الى المعتقلات في (بكره جو) و(جه مي ريزان) وقصبة ماوت، وقد فقد اثر ذلك كثير من هؤلاء المعتقلين ، وكذلك هجومهم الاخير كان في احداث بشتاشان الاولى والثانية...وطوال هذه السنين وبعد كل اصطدام ومعركة لتلك الاحزاب مع الحزب الشيوعي وبعد كل حالة توتر وتعقيد دون ان يقدوموا اعتذارا عن الاعمال التي قاموا بها.

في نهاية الكتاب يقترح النصير الكاتب ابو شوان جعل بشتئاشان متحف تجمع فيها كل مايتعلق بالاحداث الدامية واقتتال الاخوة ايار 1983 وكذلك جمع رفات العشرات من الشهداء وتكتب اسمائهم في سجل المتحف واخيرا نصب تمثال تذكاري ليكون رمز ل اقرباء الشهداء بزيارتهم.

كتاب بشتاشان بين الالام والصمت وثيقة ثاريخية كون الكاتب عاش المعركة بتفاصيلها، وهو الاسير وشاهد بنفسه كيف كان تعامل الاتحاد الوطني مع أنصار الحزب الشيوعي من الاسراء او الذين تم قتلهم. اضافة الى ظروف الاعتقال والتنكيل بهم.

ان الكاتب يطالب من القوى المهاجمة ان تدافع عن الحركة الكردية لا ان تدافع عن النظام الفاشي الذي نكل بالشعب الكردي طيلة اعوام الحركة ومنذ عام 1975 حتى الانفال عام 1988 والتي بدات بسلسلة من العمليات ومنها الاسلحة الكيمياوية وضرب حلبجة وراح ضحيتها خمسة الالاف من ابناء الشعب الكردي من كبار السن والنساء والاطفال وغيرهم.

ان هذا الكتاب برغم الهنات والنقص في بعض تفاصيله ونقص الاسماء، الا انه كان جريئ وصريح يحسب له (اعيد الكتاب طبعه مرتين وكذلك في اللغة الكردية في محافظتي السليمانية واربيل).

2 ايار/2021

 

عرض مقالات: