ولد الشهيد المناضل المعروف حامد الخطيب في 25-12- 1939 في مدينة عانة بمحافظة الرمادي. كان والده رجل دین. نشأ في عائلة معروفة بمواقفها الوطنية، ومنها استمد القيم الأخلاقية، من الأمانة والإخلاص والشجاعة والإقدام، حتى نَمَت تلك القيم العظيمة في نفسه، التي ساهمت بقوة في تكوين شخصيته.
كما تمیز الشهید بالنبل ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة السیاسیة. شارك في كل التحركات الجماهيرية والمظاهرات والإضرابات، وكان أحد الناشطين في قيادة المظاهرات الطلابية - بعد انتمائه إلى اتحاد الطلبة العام العراقي - في مقارعة النظام الملكي. كان لعمله النضالي في صفوف الطلبة دور عظيم كنقطة انطلاق في نضجه الفكري، حيث تصلب عوده في خضم النضالات السیاسیة عندما كان طالبا في ثانوية عانة.
بدأت مسيرة الشهيد حامد السیاسیة عندما انتمى إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي في بدایة الخمسينيات من القرن الماضي، وعلى اثر تلك النشاطات، فصل من المدرسة واعتقل في عانة ونقل إلى السجن المركزي في بغداد.
لم ترهبه یوماً الأساليب القمعية التي مارستها الحكومات المتعاقبة على الحكم في العراق ضد الحزب طيلة حياته، لم يتهاون ولم يتوانَ في التضحية بحياته رغم المخاطر المحدقة به، بل رفض الانصياع لمطالب الأجهزة القمعية بالإغراء أو الإكراه، ولم يترك ساحة النضال بل استمر في نضاله بكل بسالةً وتفاني.
نذر الشهيد حامد حیاته من أجل القضية العادلة للشعب العراقي بكافة قومياته وكان وفيا ومتمسكاً لمبادئ الحزب الشيوعي العراقي.
بعد تخرجه من كلية اللغات في نهاية الخمسينيات، التحق الشهيد حامد بالجيش العراقي وأصبح ضابط برتبة ملازم الاول ما بین الفترة 1960 لحین اعتقاله في سجن رقم 1 في معسكر الرشيد بعد الانقلاب الدموي في 8 شباط عام 1963، وكان الشهید أحد الرفاق العسكريين الذين تم نقلهم بقطار الموت إلى سجن نقرة السلمان .
في المؤتمر الثالث في عام 1976 تم انتخاب الشهید مرشحا للجنة المركزية ولكن لم يعلن عن اسمه بشكل صريح لضرورات أمنية.
اشتدت الهجمة القمعية البوليسية الشرسة ضد حزبنا الشيوعي العراقي في نهاية السبعينيات من قبل الحكم الدكتاتوري المقبور الذي كان عازما بشراسة متناهية بالقضاء التام على الحزب الشيوعي العراقي واقتلاع جذوره كما كان يحلم من ارض عراق. وفي عام 1978 اعتقل الشهيد وهو يخرج من داره لشراء بعض الحاجيات، وبعد ذلك داهمت قوة كبيرة داره الكائن في حي المشتل وتمكنت زوجته من إخفاء سلاحه الشخصي في مكان آمن قبل وصول رجال الأمن إلى المنزل.
تعرض الشهید إلى تعذيب وحشي مع رفاقه في الخط العسكري، كاد أن ينفذ حكم الإعدام بحقه لولا ضغوطات الرأي العام العالمي التي كانت لها الدور الكبير في تحريك القضية على المستوى العالمي، حيث أرغمت تلك الاحتجاجات النظام على إطلاق سراح جميع الرفاق في الخط العسكري بضمنهم الشهيد ابو ماجد في عام 1979.
بعد إطلاق سراحه ترك وطنه مضطراً متوجهاً إلى سوريا ومنها إلى بلغاريا ثم الانتقال إلى الجزائر وبقرار من الحزب توجه إلى كردستان للالتحاق بقوات الأنصار بعد أن طلب من زوجته واطفاله العودة إلى العراق. تم مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة التابعة للشهيد وصدر حكم الإعدام بحقه.
كان الشهيد عازماً على مواصلة نضاله قدما، علما منه بخطورة الموقف، قرر التوجه إلى بغداد عن طریق كردستان في عام 1982 متخفيا، للمساهمة في إعادة هيكلة التنظيم في بغداد والجنوب والوسط، وقد حاولت الاجهزة القمعية للنظام الصدامي عن طریق الخونة، إلقاء القبض عليه ولكنه تمكن من الإفلات قبل الوصول اليه، والعودة سالما إلى قواعد الأنصار للحزب الشيوعي العراقي في نفس العام وأصبح عضواً في المكتب العسكري المركزي لقوات الأنصار.
في أيام العمل الأنصاري، يذكره رفاق دربه، بانه شخصية متميزة بكل المعايير.
كان الشهيد خفيف الظل، بسيط المعشر، طيب القلب، حنونا، شديد البأس، صلبا في جميع الظروف. يروي رفاقه كیف كان یحول المعاناة والحياة الصعبة في الأنصار إلى صور بهيجة من خلال إطلاق النكات لنشر البسمة على وجوه الانصار.
لقد تعرضت قاعدة بشت ئاشان إلى قصف مكثف في 28 نيسان 1983 على أثره جرح الشهید في كتفه وبعد انسحاب الحزب من بشت ئاشان تعرضت القوة في 2 أيار إلى كمين غادر ادى إلى استشهاد حامد الخطيب في أحداث بشتاشان من نفس السنة في معركة غير متكافئة.
لازال جثمانه مفقود منذ ذلك الحين .
المجد والخلود للشهيد حامد الخطيب ورفاقه الابطال.