بعد الاقتراب من موعد الانتخابات المبكرة، عاد الجدل مجددا بشأن قانون المحكمة الاتحادية، والتعطيل الذي رافق عمل المحكمة طوال الأشهر الماضية، رغم أهميته التفسيرية والقضائية.
ويتوضح من خلال التصريحات الأخيرة لنواب في البرلمان، وخبراء في القانون والانتخابات، أن مسار هذه العقدة التي تواجه عقبات سياسية عدة، قد يتجه نحو تعديل إحدى فقرات قانون المحكمة النافذ، لتجنب الصراع التشريعي، بشأن تمرير أحد النسختين المقدمتين من قبل الحكومة ورئاسة الجمهورية.

المسودتان وخيار التعديل

وفي وقت سابق، أعلن النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، بشير الحداد، إن لدى اللجنة القانونية البرلمانية “مشروعين جاهزين للتصويت، الأول مرسل من الحكومة السابقة، وفيه بعض النقاط الخلافية خاصة في المادتين (2) و (12)، المتعلقتين بآلية اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية والتصويت والنصاب. وأما المشروع الثاني، فهو مقدم من رئاسة الجمهورية ويهدف إلى معالجة اختلال نصاب المحكمة، ويقترح اختيار أعضائها من مجلس القضاء الأعلى، وبالتنسيق مع مجلس قضاء إقليم كردستان”.
ووفقا لأستاذ القانون الدستوري، مصدق عادل، فإن المحكمة الاتحادية تعتبر أهم المؤسسات الدستورية، لأنها “تؤسس لباقي السلطات، وتصادق على نتائج الانتخابات النيابية، وتحديد الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة كما جرى سابقا. لذلك لا بد من انهاء هذه الأزمة لأن المحكمة تحمي الدستور، سواء من الانتهاكات الصادرة من مجلس النواب عبر ما يشرعه من قوانين، أم الأنظمة الصادرة عن مجلس الوزراء، والتي يمكن للمحكمة الطعن بها”.
وبعد الصراع الذي استمر طوال الأشهر الماضية بشأن تشريع قانون المحكمة الاتحادية، أكد حسن الكعبي، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، إن “المجلس أمام خيارين، هما التعديل أو التشريع، والأخير من الصعب تحقيقه لوجود كتل سياسية كثيرة، تريد وضع لمساتها ضمن مواد القانون الجديد، لذلك فإن الذهاب نحو خيار التعديل هو الأسهل والأسرع للخروج من هذه الأزمة”.
وفي ذات السياق، شدد النائب ستار الجابري، على أن الخلافات السياسية حول القانون “لا يمكن تجاوزها بالوقت الحالي، خصوصا أننا امام انتخابات قريبة”، مبينا وجود “شبه اتفاق بين القوى السياسية لتعديل مادة ضمن مواد قانون المحكمة النافذ، وإضافة قاضيين اثنين لها، وهذا سيختصر الطريق نحو الانتخابات المبكرة، وتسهيل اجرائها بوقتها المحدد”.

شرط ملزم للانتخابات

من جانبه، أوضح الخبير القانوني، زهير ضياء الدين، إن الانتخابات “لا يمكن اجراؤها ما لم ينجز قانون المحكمة الاتحادية، لأنها الجهة الوحيدة التي تصادق على نتائج الانتخابات”.
وتدور الخلافات حول القانون بشأن ثلاث قضايا رئيسة تؤخر الاتفاق عليه، تتعلق باعتماد فقهاء الشريعة، واعمار القضاة، فضلا عن التوافق او الاتفاق السياسي على توزيعهم.
وأضاف ضياء الدين خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إن أسهل الخيارات هو “تعديل المادة الملغية من قبل المحكمة نفسها، والتي تنص على أن (مجلس القضاء الاعلى هو من يرشح القضاة الى المحكمة)، وابدالها بمادة أخرى ضمن قانون المحكمة النافذ رقم 30 لسنة 2005 تنص على اكمال نصاب المحكمة من قبلها، وبالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى”، لافتا إلى “توفر قناعة كبيرة بخيار التعديل الذي يمكن أن يتم خلال أسبوعين”.
وفي وقت سابق، أكد القاضي هادي عزيز علي، إن ازمة المحكمة الاتحادية “مقصودة”، مشيرا الى ان الغرض منها يعود الى مصالح تتعلق بالقوى السياسية المتنفذة.
وقال علي لـ”طريق الشعب”، هناك مقترحات كثيرة لحل الازمة خلال أيام قليلة، منها ان يتم “التشاور بين مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية حول عملية الاختيار، أو ان يتشاور الطرفان مع رئيس الجمهورية، او ان يتم الاختيار من قبل مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية وشخص ثالث يرشح بالتشاور بين رئيسي الجمهورية والوزراء، فكل هذه الاتجاهات تؤدي الى سد النقص بدل ان يحصر الاختيار بمجلس القضاء الاعلى وحده”.

موعد مهدد

إلى ذلك، أفاد رئيس شبكة عين لمراقبة الانتخابات، سعد البطاط، بأن موعد الانتخابات مهدد وفقا للظروف والمعطيات الحالية التي افرزتها الكتل السياسية.
وبيّن البطاط خلال حديثه لـ”طريق الشعب”، إن “الكتل السياسية تقاتل بقوة لعدم اقامة الانتخابات في موعدها المحدد، وبحسب ما يدور في الكواليس النيابية، هنالك رأيان: الاول يتضمن اجراء الانتخابات بالشهر بالعاشر من العام القادم. أما الثاني فيريد دفعها إلى عام 2022، أي في موعدها الدستوري، بعيدا عن الانتخابات المبكرة”.
ولفت رئيس المنظمة إلى إن “الشهر القادم يفترض أن يتم خلاله انجاز قانون المحكمة الاتحادية، لكن ذلك لا يبدو قريبا من التحقيق، فضلا عن اعادة مجلس النواب قانون الانتخابات لغرض التعديل عليه فيما يتعلق بالدوائر الانتخابية والبطاقة البايومترية. ووفقا لهذه الحالة، ستكون استعدادات المفوضية وتعاقداتها حول الأجهزة والقضايا اللوجستية مهددة، رغم انها بطيئة اساسا وتتأثر بالصراع السياسي وهي لم تستلم الى الان شيئا من الأموال المخصصة لها”.
وتابع “حتى يوم أمس الأول، اجتمع رئيس الوزراء ببعض الجهات الساندة للمفوضية، لكن الاجتماع لم يتمخض عن قرارات واضحة يمكن التعويل عليها”.

عرض مقالات: