يواجه ملف العمالة الاجنبية في العراق، مشكلات كثيرة تتعلق بصلاحيات الوزارات وأعمالها، ومزاجية أصحاب الشركات والمشاريع، وفي العمال أنفسهم، الذين يتحول بعضهم الى مصدر تهديد للمجتمع، تحت “غياب الرقابة الحكومية”.
وتتهم مصادر حكومية في وزارة العمل، وزارة الداخلية بانها تعزز بقاء الظاهرة من خلال منح مزيد من العمال فيزة دخول، بينما العامل العراقي يبحث عن فرصة عمل، مضيفة ان “الجهات المعنية في الداخلية لا تتعامل مع وزارة العمل” في هذا الاطار.
لكن وزارة الداخلية نفت تلك الاتهامات، مؤكدة أنها تواصل العمل مع الجهات المعنية في وزارة العمل.
وذكرت الداخلية، ان أغلب الشركات الاستثمارية تعمل على المتاجرة بالعمال الاجانب.
ويقول نقابيون ان أغلب العمال يدخلون البلاد بصفة سياح، لكنهم يتحولون الى عمال في مهن مختلفة، وبعضهم يشترك في المتاجرة بالاعضاء البشرية، او يتحول الى سارق.
وتقول عضو نقابة الخدمات في الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، مروة سعد لـ”طريق الشعب”، يوم أمس، إن “أغلب العمالة الوافدة من الخارج تدخل العراق في أوقات المناسبات الدينية”.
وتضيف “هناك نوعان من العمالة في العراق؛ الأول يدخل عن طريق الشركات الاستثمارية، وهؤلاء عمالة رسمية. اما النوع الثاني فهم الذين يدخلون بحجة زائرين الى العتبات المقدسة، وبعد ذلك يخالفون شروط الفيزة”.
ويشير سعد الى تعرض الفئة الثانية من العمال “استغلال كبير”، يشمل الاتجار بأعضائهم البشرية، بينما يتحول آخرون منهم الى سُرّاق، بحسب قولها.
وتعلل سعد تلك المخالفات بكون هؤلاء بعيدين عن “الرقابة القانونية”.

كبش فداء

وتلاحظ مروة أن أغلب أصحاب الورش والمعامل “تفضل هذه الفئات من العمال، لكونهم يجعلون منهم كبش فداء في تأدية الاعمال الخطرة”.

نقابات عمالية “شكلية

وانتقدت مروة عمل النقابات العمالية الثمانية الموجودة في العراق، والتي قالت عنه انه “شكلي وغير فعال”، مؤشرة “تقصيرا واضحا” من جانب تلك النقابات “في رصد الانتهاكات”.
بدوره، قال مصدر مطلع في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لـ”طريق الشعب”، يوم امس، ان “اعداد العاملة الأجنبية في العراق كبيرة جدا”، مؤكدا ان “الوزارة لا تمتلك احصائيات محددة”.
وأكد المصدر، ان بعض الشركات الاستثمارية “تمنع مفتشي وزارة العمل من الدخول الى مقراتها لتسجيل اعداد العاملين فيها”، الامر الذي يمنع إيجاد احصائيات دقيقة لهم.

العمل: الداخلية تعمل بمعزل عنّا

وحمّل المصدر، مديرية الإقامة في وزارة الداخلية مسؤولية دخول العمالة الأجنبية، قائلا ان “وزارة الداخلية تمنح فيز الإقامة الى العمالة الأجنبية، دون المرور بوزارة العمل”.
وأكد أن “الكثير من العمال الأجانب يدخلون الى العراق بحجة السياحة، ومن بعدها يخالفون شروط فيز الإقامة”، مشيرا الى أن المسؤولية في هذا الجانب “تقع على وزارة الداخلية في ملاحقة هؤلاء”.

شباب عاطلون عن العمل

وبرر المصدر، أسباب لجوء الوزارة الى العمالة الأجنبية، بأن أغلب الشركات الاستثمارية تفضّل “العمالة الاجنبية”، بينما هناك الاف العراقيين من الشباب العاطل عن العمل.
ولفت المتحدث الى ان قانون العمل رقم 37 يشترط تشغيل 50 في المائة من العمالة الوطنية، والنصف الاخر يذهب للعمال الأجانب.
وأكد ان “الشركات الاستثمارية لا تلزم بهذا القانون”.
الداخلية تنفي من جهته، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المنحا في تصريح لـ”طريق الشعب”، ما تحدث به مصدر وزارة العمل، بشأن العمال الأجانب.
وأكد ان مديرية الإقامة التابعة للوزارة “تعمل بالتعاون مع وزارة العمل بشأن دخول العمالة الأجنبية الى العراق، ومنح الاقامات”. وحول اعداد العمالة الأجنبية التي تم إدخالها للبلاد بطرق رسمية، ذكر المحنا ان “الاحصائيات غير متوفرة بسبب الاعداد الكبيرة”، مشيرا الى ان ذلك يحتاج لـ”جهود مضاعفة”.
وبيّن المحنا، ان “بعض العمالة يكون دخولها رسميا، لكن اقامتهم غير رسمية”، منبها الى ان بعض الشركات تقدم مبررات رسمية لاجل استقدام عمالة اجنبية، لكنها تزج بها في سوق العمل، بعد حين.

أجور مضاعفة لعشر مرات

ودعت عضو لجنة الخدمات البرلمانية، النائبة منار عبد الطلب، الى معالجة ملف العملة الأجنبية، معتبرة اياها تمثل “نزفا للأموال العراقية”.
وقالت عبد الطلب في تصريح صحافي، طالعته “طريق الشعب”، إن “العمال الأجانب يتقاضون اجورا تعدل 10 أضعاف ما يتقاضاه العمال العراقيون”.
وأضافت ان العراق “يعاني فوضى العمالة الأجنبية”، مشيرة الى ان “في جميع دول العالم هناك محددات ثابتة لنسبة العمالة الأجنبية في الشركات الاستثمارية، اذ تعطى الأولوية للعمالة المحلية”. وذكرت النائبة ان “أجور العامل العراقي في بعض القطاعات لا تزيد على 500 الف دينار، في حين يتقاضى الأجنبي أجورا تصل لاكثر من 5 الاف دولار”، وفقا لحديثها.
ودعت عضو لجنة الخدمات في مجلس النواب، الحكومة الى رفض أي عرض استثماري لا يكون للعمالة العراقية حصة الأسد فيه.

عرض مقالات: