وسط ظروف استثنائية فرضتها أزمة كورونا، أقامت المبادرة التي اطلقتها مجموعة من عراقيي المهجر الألماني- بينهم كتاب ومثقفون وصحفيون ونشطاء- لدعم انتفاضة تشرين في العراق في ذكرى انطلاقتها الأولى، حفلا سياسيا وثقافيا وفنيا يوم الأحد الخامس عشر من تشرين الثاني 2020، وذلك تحت إعداد وإشراف لجنة المتابعة المنبثقة من اللقاء التشاوري الأول في المانيا لدعم انتفاضة تشرين العراقية. وبدلا من قاعة مكتظة بمئات العراقيين، اجتمع مئات من العراقيين في الداخل والخارج حول شاشات صغيرة في بيوتهم والتي نقلت وقائع الحفل عبر خدمة منصة الزوم .

الحفل بدأ بلحظات صمت تكريما وتذكيرا بمئات الشهداء من شباب وشابات الثورة العراقية ضد نظام المحاصصة الطائفية والعرقية والفساد المالي والإداري إلى جانب إستذكار ضحايا جائحة كورونا الذين فقدوا حياتهم بسبب نقص وسوء الخدمات الصحية وسوء ادارة الأزمة. في حين أطلق الفنان المبدع طه حسين رهك بعد ذلك العنان لأنغام آلاته الموسيقية في أغنية " ڴولولهم" والتي كانت بمثابة نشيد الولاء لثورة الشباب في العراق. وما ان انتهت اغنية الفنان طه حسين آلاولى في المهرجان، حتى صدح صوت الشاعرالحلي الكبير،  شاعر الألم العراقي،  موفق محمد والذي شارك في الحفل من مدينة الحلة وقدم قصيدته الشهيرة المعروفة " وصايا لسلامة المتظاهرين ". قصيدة ترسم صورة لمعاناة وآلام العراقيبن وكفاحهم البطولي ضد القمع والظلم وحجب الحريات والفساد ونقص الخدمات. بعد ذلك بدأ حوار فريد من نوعه بين مجموعة طيبة من ناشطات وناشطي الانتفاضة في كل من بغداد وبابل وواسط والنجف والناصرية والبصرة. الناشطون قدموا عبر حوارهم مع مدير الحفل صورة واقعية عن مجريات الانتفاضة في مدنهم والظروف الصعبة التي يعاني منها المنتفضون في نضالهم العنيد ضد سلطة طغمة الفساد والميليشيات، لتتضح الصورة في أذهان عراقيي المهجر. الحوار شكل جسرا ضروريا ربط المنتفضين بمناصريهم في المهجر الاوروبي.

بعد الحوار توالت الفقرات الفنية للفنان المبدع طه حسين رهك تخللتها قصائد رائعة لمبدعين عراقيين غابوا عن عين العراق لعقود طويلة رغم أن العراق كان لصيقا لفلوبهم دوما. وقدم الأستاذ الاكاديمي في الأدب العربي الشاعر د.حميد الخاقاني قصيدة رائعة فلسفية جمعت في فضائها تعقيدات القضية العراقية المستمرة منذ عقود. فيما قدم الشاعر المبدع طارق الحلفي مقاطع من مجموعة قصائد جميلة كان الحلم العراقي جوهرها. المهرجان والذي شكل باكورة نشاط المبادرة الألمانية لدعم الانتفاضة العراقية أكد بعض الحقائق المهمة أولها أن الانتفاضة مستمرة رغم المؤامرات والنشاط المحموم لاجهاضها من قبل طغمة القتل والفساد وأنها مستمرة في تجديد نفسها وتتخذ اشكالا تتناسب مع متغيرات الاوضاع. وأكد إلى جانب ذلك حاجة الانتفاضة والمنتفضين الى التواصل مع الرأي العام الألماني والأوروبي والعالمي عبر الجاليات العراقية في المهجر. كما أكد المشاركون على ضرورة اعطاء الإنتفاضة حيزا واسعا في النشاط الأدبي والاكاديمي للمثقفين العراقيين في الداخل والخارج باعتبارها محطة مهمة من ناريخ العراق المعاصر. كما كشف النقاش عن حاجة الانتفاضة لدعم مالي ولوجستي مستديم وذلك نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها الفئات الشعبية المسحوقة والتي تشكل قاعدة الانتفاضة الاساسية.  ولفت المهرجان الانتباه أيضا الى الدور البارز للمراة العراقية في هذه الثورة موجها تحية خاصة للشابات العراقيات المشاركات بقوة في الانتفاضة. وختاما يرى المشاركون ضرورة أن توحد القوى المدنية والديمقراطية العراقية من أحزاب ونقابات وجمعيات ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني مواقفها وتتجاوز العقبات الفكرية والسياسية لدفع الانتفاضة صوب تحقيق حلم العراقيين في التغيير الجذري والشامل ، وبناء دولة المواطنة واقامة نظام الدولة المدنية الديمقراطية الموسومة بالعدالة الاجتماعية.

لجنة متابعة اللقاء التشاوري في المانيا لدعم أنتفاضة تشرين العراقية