طريق الشعب

عَدّ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، إدراج حقل بعنوان “المذهب” على قوائم اسماء المقبولين في الكلية العسكرية “اجراء لترسيخ مبدأ الطائفية”. وفيما رأى قانونيون أن هذا الإجراء غير قانوني ولا ينسجم مع المبادئ الدستورية، أوضحت مفوضية حقوق الانسان ان “الطائفية نهج فرض على المؤسسات الحكومية كافة، وضمنها المفوضية”.

عضو مفوضية حقوق الإنسان، د. علي البياتي، قال ان “الشعب العراقي بات يدرك اهمية ازاحة نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية عن التشكيلات الحكومية كافة”، مشيرا في حديث لـ “طريق الشعب”، الى ان “التظاهرات السلمية والاعلام الرصين، هما من يعول عليهما في اجراء التغييرات نحو نظام مدني ديمقراطي يسوده الدستور الذي يؤكد اهمية الوحدة الوطنية”.

واستنكر البياتي إجراء وزارة الدفاع بإدراج عنوان “المذهب” في قوائم قبول الكليات العسكرية. وقال ان “السياسات المذهبية الخاطئة فرضت نفسها بعد عام 2003 بسبب الدعم الدولي، وخلقت مبدأ المحاصصة الطائفية على المناصب، وبالتالي اضطهدت الشعب العراقي عبر تنصيب شخصيات غير كفوءة يقتصر دورها على تسنم مناصب سياسية وتحقيق مصالح شخصية لا أكثر”.

وردا على سؤال النهج الطائفي المتبع  في تشكيلة اعضاء مفوضية حقوق الانسان، أوضح أن “المفوضية لا تستثنى هي الاخرى من هذا النهج. وبالرغم من انها تستند إلى مبادئ (نادي باريس)، لكن نهج المحاصصة الطائفية فرض عليها بسبب النظام الحكومي العام، الذي ينطلق من هذا النهج”، مبينا أن “عملية اختيار المفوضين وفق القانون، تتم من قبل لجنة تضم ممثلين عن منظمات المجتمع المدني والامم المتحدة واعضاء عن الكتل البرلمانية”.

وتابع قائلا: “بما ان الكتل البرلمانية هذه جاءت وفق اسس طائفية، وانها صاحب القرار في اختيار اعضاء المفوضية، أدى ذلك الى انتاج هذا التنوع المذهبي بين اعضاء المفوضية”.

من جهته، عد الخبير القانوني زهير ضياء الدين، اتباع السياقات المذهبية في المؤسسات الحكومية “إجراء غير دستوري”.

وقال في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “المادة 14 من الدستور العراقي تنص على ان العراقيين متساوون بغض النظر عن الديانة والمذهب والقومية. وبالتالي يجب ان تشمل فرص العمل جميع مكونات الشعب، بغض النظر عن المذاهب والديانات التي كرستها عملية المحاصصة الطائفية.. تلك العملية التي أصبحت بلاء العراق في المرحلة الراهنة”.

واشار ضياء الدين الى ان هذه الإجراءات المذهبية بالإمكان الطعن بها امام المحكمة الاتحادية، ونقضها 100 في المائة، باعتبارها غير قانونية وغير دستورية، لافتا إلى ان “التفرقة المذهبية تنتعش عليها احزاب ومنظمات فاسدة، تضرها الوحدة المجتمعية”.

 واعتبر الخبير القانوني، ان قرار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، القاضي برفع فقرة عنوان المذهب عن قوائم المتقدمين للقبول في الكلية العسكرية “شكلي وليس جوهريا”، مشيرا الى أن العراق بحاجة إلى “كسر النهج الطائفي المذهبي بالإقدام على تحركات اعمق عبر ممارسات ديمقراطية فعلية في جميع مؤسسات الدولة”.

واستطرد قائلا، انه عمل على الطعن بمفوضية الانتخابات الحالية، وتقديم ما يثبت ان المرشحين فيها لديهم انتماءات حزبية وطائفية “وبالتالي، فإن تشكيلة هذه المفوضية لا تختلف عن تشكيلاتها السابقة”، لافتا إلى انه “فوجئنا، للأسف الشديد، بأن المحكمة تبرر ذلك بأن العبرة ليست بالانتماءات، انما بالممارسة، على الرغم من كون هذا الاجراء مخالفا للدستور”.

وحمّل ضياء الدين، السلطات الثلاث مسؤولية تعزيز نهج المحاصصة الطائفية والمذهبية غير الدستوري. واشار الى ان “التظاهرات جعلت الشعب العراقي يمتلك الوعي الكافي لإنهاء التفرقة الطائفية، وهذا ولد لدى الحكومة الحالية رد فعل عبر تعزيزها الرقابة على الفساد ورفع التسميات المذهبية”.

هذا وصرح المتحدث باسم رئيس الوزراء، احمد ملا طلال، بأن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجه برفع الاشارة الى مذاهب المتقدمين عن استمارات القبول في الكلية العسكرية، وشدد على عدم العمل بهذه الآلية في مؤسسات الدولة، وعلى أن تكون المواطنة والهوية العراقية هي المعيار”.

من جانب آخر قال نائب رئيس مجلس السلم والتضامن، د. علي الرفيعي، ان “نغمة المكونات الشيعية والسنية، للأسف الشديد، تعزف على اذهان الشعب العراقي مع بداية كل حملة انتخابية، وذلك عبر الوسائل الاعلامية، وان ما اقدمت عليه، سواء وزارة الدفاع أم وزارات اخرى في هذا الخصوص، يعد انتهاكا صريحا لمبادئ الدستور”.

واعتبر الرفيعي في حديث لـ “طريق الشعب”، اجراء رئيس الوزراء المتخذ في هذا الشأن “ترقيعيا”، مشددا على أهمية أن يعيد رئيس الوزراء “النظر في تشكيلة المقبولين في الكلية العسكرية، وان لا يقتصر إجراؤه على رفع تسمية المذهب وحسب”.