عبد الواحد الورد
في مناسبة الذكرى الـ 70 لوثبة كانون 1948، نظمت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة كربلاء، أخيرا، محاضرة حول أسباب الوثبة ونتائجها، قدمها الرفيق د. عبد الحميد الفرج، بحضور جمع من الشيوعيين وأصدقائهم والمهتمين بالشأن السياسي.

أدار المحاضرة الرفيق كريم حسين العامري، واستهلها بتقديم موجز عن أهم الاحداث التي رافقت الوثبة، مسلطا الضوء على ردود فعل الشعب العراق ازاء الاحتلال البريطاني للبلد، وعلى الثورات والانتفاضات التي رافقت ذلك، فضلا عن أبرز الأحداث السياسية التي شهدتها تلك الفترة.
من جهته تحدث د.عبد الحميد الفرج، عن انتفاضة 1948، باعتباره أحد المشاركين الفعليين فيها، ملقيا الضوء على العوامل والأسباب والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أدت إلى انطلاق شرارتها، ومشيرا إلى ان من بين الأسباب السياسية للانتفاضة، التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلد، وعمالة حكام العراق للمستعمر الانكليزي، بالضد من مصلحة أبناء الشعب.
وأضاف قائلا ان من ابرز السياسيين الذين خدموا الانكليز في تلك الفترة، نوري السعيد، الذي شغل منصب رئاسة الوزراء 14 مرة، منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 حتى ثورة 14 تموز 1958. موضحا ان السعيد كان غير آبه بمصلحة العراقيين، وغير مهتم بشؤونهم، على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تواجههم.
وعرّج د. الفرج على السبب المباشر لاندلاع الوثبة، وهو توقيع الحكومة العراقية عام 1948، وعلى رأسها رئيس الوزراء صالح جبر، على "معاهدة بورتسموث" الجائرة التي تعد تنقيحا للمعاهدة الانكليزية – العراقية عام 1930، والتي قرر الشعب العراقي إلغاءها كونها تجيز التدخل المباشر بالشؤون الداخلية للعراق، وتربط البلد بسياسات الدول الغربية وبريطانيا على وجه الخصوص.
وتحدث المحاضر عن العامل الاقتصادي وعلاقته باندلاع الانتفاضة، مبينا ان لهذا العامل تأثيرا مباشرا على مجريات أحداثها، لا سيما بعد أن استنزفت الحرب العالمية الثانية طاقات وخيرات الشعوب المستعمَرة لصالح الدول الكبرى المتصارعة على الاسواق والمواد الخام والايدي العاملة لمصلحتها الخاصة ولرفاهية شعوبها، والتي استحوذت على مناطق النفوذ في العالم، ما أدى الى استنزاف خيرات تلك الشعوب، ومنها الشعب العراقي، وسلبها مواردها الطبيعية، لاستخدامها في تمويل الحروب.
وتابع قائلا ان تلك الظروف أدت إلى ظهور المجاعة في العراق، حتى أطلق على العام 1947 تسمية "عام الخبز الأسود".
وتطرق د. الفرج إلى دور الاحزاب الوطنية، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي في انتفاضة 1948، والذي كان له دور كبير في إذكاء شرارتها وفي استمرارها، مقدما دليلا واضحا على الموقف الوطني للشيوعيين في الانتفاضة ومشاركتهم الفاعلة فيها، متمثلا في إقدام السلطات الملكية على إعدام الرفيق الخالد فهد ورفيقيه حازم وصارم في العام الذي أعقب عام الوثبة.
وألقى المحاضر الضوء على نتائج الوثبة، والتي من أهمها إلغاء معاهدة 1930، وهروب رئيس الوزراء صالح جبر والوصي عبد الإله إلى الخارج. كما تحدث عن تأثير مبادئ ثورة اكتوبر الاشتراكية الروسية 1917 على الانتفاضة، فضلا عن الثورات والانتفاضات التي قامت بها الكثير من الدول، في سبيل نيل حريتها واستقلالها.
وفي سياق المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات انصبت في موضوعها، عقب عليها الرفيق د. عبد الحميد الفرج بصورة ضافية.