قال الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، ان الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه العراق اليوم، يتطلب منه تطوير قطاعه الانتاجي الصناعي وحمايته، وذلك من خلال ايجاد منافذ مالية متعددة داعمة للاقتصاد والموازنة، مضيفا في حديث لـ “طريق الشعب”، ان “التخلص من الاقتصاد الريعي، الذي يشكل اكثر من 93 في المائة من موازنات العراق السنوية واكثر من 98 في المائة من صادراته و99 في المائة من العملة النادرة التي تدخل البلد، بات ضرورة ملحة، فضلا عن أهمية اعادة تفعيل القوانين الاقتصادية المشرعة وتشريع قوانين اخرى مساندة”.

قوانين لا بد منها

وذكر انطوان، ان “قانوني حماية المنتج الوطني وحماية المستهلك، وقانون التعرفة الكمركية وقانون التنافسية ومنع الاغراق السلعي، جميعها شرعت عام 2010 وتم اقرارها من قبل مجلس الوزراء في حينها، لكن لم يتم تطبيقها الى الآن”، مشيرا إلى ان “هذه القوانين تعتبر الاداة الحقيقية لتطوير الانتاج الوطني الصناعي، الذي يشكل اليوم 1.5 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، بسبب توقف المشاريع الصناعية، بعد ما كان في السابق يشكل 18 في المائة”.

وتابع قائلا، انه “لغرض النهوض بالقطاع الصناعي، لا بد من الاقدام على مجموعة اجراءات، في مقدمتها تنفيذ القوانين الاقتصادية المشرعة واعادة النظر في قانون الاستثمار للخروج بصيغة تلائم حاجة البلاد من المشاريع الاستثمارية، فضلا عن تشريع قوانين اخرى، كقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.

اجراءات صناعية عاجلة

لغرض النمو الاقتصادي في اسرع وقت، من أجل تفادي الازمة الاقتصادية الراهنة التي يمر بها العراق، رأى انطوان، ان “العراق يمتلك الكثير من الامكانات الاقتصادية الصناعية التي اهملت بعد سقوط النظام المباد، بإمكانه الآن العمل عليها واعادة تفعيلها من جديد، عبر تقديم بعض التسهيلات والاجراءات الرادعة”، موضحا أن من بين تلك الإمكانات الصناعية، معامل صناعة الالبان “التي تحظى منتجاتها باستهلاك كبير من قبل المواطن، لكنها تعاني في الوقت نفسه الاغراق السلعي من قبل دول الجوار، وعلى الحكومة وضع حد لذلك”.

وأضاف قائلا: “كما ان هناك صناعات يعتبر العراق من الدول المتقدمة فيها، كصناعة الجلود، فضلا عن صناعات غذائية كمعامل انتاج معجون الطماطم والعصائر. وهذه ايضا تعاني الاغراق السلعي”، لافتا إلى أهمية “صناعة المواد الانشائية التي تدخل في البناء، والصناعات الهندسية، والصناعات البتروكيمياوية. وهذه الصناعات بحد ذاتها تدر ثروة مالية كبيرة على العراق، اذا ما قام بتفعيلها من جديد، خاصة انه بلد نفطي”.

وتابع قائلا أن “جميع هذه الصناعات معاملها جاهزة للعمل، لكنها بحاجة الى اعادة تفعيل، وهي كفيلة باستيعاب اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل”.

صناعات تغني عن الاستيراد الخارجي

وأضاف الخبير الاقتصادي انه “من الخطوات المهمة ايضا، اعادة تفعيل الصناعات المتوفرة موادها الاولية محليا، والتي تغنينا عن الاستيراد الخارجي، اضافة الى انشاء معامل في المناطق التي تتوفر فيها المواد الاولية، كمحافظة الأنبار التي تتوفر فيها مادة السليكا والرمال، الداخلة في صناعة الزجاج”.

وتحدث انطوان عن اجراءات تنظيمية وادارية اخرى كفيلة بحماية الصناعات المحلية ودعمها، موضحا أن من أبرز تلك الإجراءات “ضبط المنافذ الحدودية. وهذه لا تتحقق الا بوجود جهاز اداري كفوء يتمتع بالشفافية والمهنية والنزاهة، اضافة الى وضع منهاج للاستيراد السنوي يبنى على ثوابت، كتحديد حاجة البلاد الى كميات المواد المستورة، وكم يتوفر منها محليا”.

وتابع قائلا انه “من الضروري أيضا، أن يتمتع المكلف بعمليات الاستيراد، بالخبرة والاختصاص. اذ ليس من المعقول تكليف شخص مختص في استيراد منتجات غذائية، باستيراد ادوية واجهزة طبية”.

واشار انطوان الى ان هناك اجراءات اخرى لدعم الصناعة المحلية، تتعلق بـ “تشجيع القطاعات الحكومية على شراء المنتجات المحلية وتفضيلها على المستورد، وضرورة دعم المصانع بالطاقة، كالكهرباء والوقود، والعمل على اجراء عمليات الاحصاء الصناعي والبشري، وذلك بالتعاون بين وزارتي الصناعة والتخطيط”، مبينا أن “هذه الاجراءات تقودنا الى وضع خارطة صناعية استثمارية، وبالتالي بناء مشاريع صناعية وليس مولات تجارية تعمل على طرح بضاعتها بأرخص الاسعار عبر تبييض الاموال وتهريبها. فيجب جعل السوق العراقي سوقا استهلاكيا إنتاجيا”.

مدن صناعية

ويرى انطوان ان “امام العراق ايضا فرصة لإنعاش اقتصاده الصناعي في اسرع وقت، من خلال استكمال بناء المدن الصناعية التي وصلت إلى نسب انجاز متقدمة، والعمل على رفدها بمعاهد تدريبية للعاملين ضمنها، وذلك لتحقيق اكتفاء ذاتي يغنينا عن الاستعانة بالعمالة الاجنبية”.

عرض مقالات: