طريق الشعب
100
مليون دولار بحسب خبراء في الاقتصاد، هي خسائر كل يوم تتوقف فيه الحركة التجارية بشكل عام في العراق، مقابل خسائر جسيمة، تقدر بمليار دولار مقابل انخفاض كل دولار من اسعار النفط.
ومنذ دخول العراق في اجراءاته الوقائية ضد فيروس كورونا (كوفيد-19) ومع استمرار تمديد حظر التجوال الشامل، فأنه لا توجد أي قاعدة بيانات توثق حجم الخسائر ’’الهائلة’’ التي يتعرض لها البلاد، بسبب عوامل كثيرة، اهمها جائحة كورونا التي ضربت العالم واخلت باقتصاده، وانهيار اسعار النفط، وما رافقه من اتفاق اعلن عنه في اجتماعات (اوبك+)، كلها مؤشرات واقعية تدفع نحو مزيد من التأزيم وانعدام الحلول السريعة لانقاذ الالاف من العوائل والعاطلين عن العمل، في خضم ازمة سياسية كبيرة، وبقاء البلاد، تحت حكومة تصريف الاعمال التي يديرها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي.

ارقام مخفية

وفي هذا الشأن، تحدث عضو اللجنة المالية في البرلمان العراق، احمد حمد رشيد، لوكالة (بغداد اليوم)، قائلاً: "لا توجد ارقام دقيقة لتقييم حجم الخسائر بالنسبة للدولة العراقية".
وتابع: "كما لا يمكن الاعلان عن أي ارقام او بيانات رسمية، لعدم وجود قاعدة اوليات او حسابات دقيقة، تكشف حجم الخسائر الحقيقية التي يتعرض لها العراق بشكل يومي".
وعن الكيفية التي يتعامل بها العراق مع اكبر الازمات العالمية، قال رشيد ان "العراق لا يتعامل مع القطاع الخاص وليست لديه أي امكانيات للنهوض به.. اقتصاد العراق لا زال ريعي احادي المصدر". واضاف "اذا حسبنا مسألة الايرادات النفطية، فأنه ومع انخفاض كل دولار من اسعار النفط، فأنه يقابل بخسائر مالية تساوي (مليار دولار)، بالنسبة للعراق"، مشيرا الى ان "في شباط الماضي، كانت ايرادات العراق تقدر5 بـ مليارات و50 مليون دولار، انخفضت الى 3 مليارات دولار في الشهر الثالث، اما في نيسان الحالي ستكون الخسائر اكبر من ذلك".
وأصدرت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية خلال اجتماعها، قراراً بتمديد حظر التجوال الشامل حتى بداية شهر رمضان الموافق 24 من شهر نيسان الجاري، فضلاً عن قرارات اخرى ذات صلة، بالإجراءات الوقائية المشددة،
وذكرت اللجنة، في بيان تلقت (بغداد اليوم) نسخة منه، أنها "قررت الاستمرار بحظر التجوال الى بداية شهر رمضان المبارك، على ان تعقد اللجنة اجتماعا الاسبوع المقبل يسبق حلول شهر رمضان لدراسة الموضوع وتقرير التفاصيل الخاصة بهذا الشهر والاسترشاد بآراء لجنة الأمر الديواني 55 وهيئة المستشارين".

وظائف تختفي وجرائم ستزداد

ومع استمرار التداعيات الاقتصادية الكبيرة، وما سيتحمله الملايين من اصحاب الدخل اليومي في العراق مع عجز الحكومة عن توفير الاموال اللازمة لانقاذ مئات الالاف من العوائل المتضررة من جراء اجراءات الوقاية من كورونا، يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني لـوكالة (بغداد اليوم)، إن "استمرار حظر التجوال قد يكون امراً متوقعاً الى نهاية شهر رمضان، وبالتالي ستزيد من خسائر العراق الاقتصادية".
ويوضح في الشأن ذاته، قائلا: ان "استمرار غلق الطرق والحدود وفرض حظر التجوال، سيؤدي بالدرجة الاساس الى فقدان الكثير من الوظائف للعاملين في القطاع الخاص وغير المنظم، الامر الذي سيزيد من نسب البطالة والفقر".
وتوقع المشهداني ان تدفع الازمات المتلاحقة واستمرار حظر التجوال "نحو 3 مليون عامل الى خط دون الفقر ".
ويضيف إن "معدلات الجريمة الاقتصادية ستزداد خلال الفترات المقبلة، وقد بدأت هذه الملامح تظهر بالفعل، وهذا حصل في كل الدول وليس العراق فقط"، مبينا ان " استمرار الحظر مع نقص المواد الغذائية قد يدفع بعض الاشخاص الى مهاجمة محلات المواد الغذائية للحصول على قوتهم اليومي".
ونبه الى ان "العراق سيتكبد خسائر كبيرة خلال هذه الفترة، كون ما يخسره جراء تعطيل الحياة والدوام ليوم واحد فقط، نحو 100 مليون دولار، الامر الذي يعني دخول العراق في ازمات كبيرة مع استمرار تعطيل الحياة التجارية بشكل عام، مع انهيار اسعار النفط وما رافقه من تداعيات كبيرة عليه بعد قرارات اجتماع اوبك".

تصدع سياسي وفساد وحشي!

من جانبها، قالت عضو لجنة الاقتصادي النيابية، ندى شاكر جودت ان "اقتصاد العالم اجمع يمر بأزمة فعلية، والعراق هو الاكثر تضررا من هذه الناحية، بسبب اعتماده على الاقتصاد النفطي بصورة اساسية"، مضيفة "لو كانت لدينا بدائل اخرى متنوعة غير النفط لكانت الخسائر اقل".
وعن تنشيط القطاعات الحيوية، مع تخوف كبير من تردي الاقتصاد العالمي، وانعاكسه على العراق، قالت النائبة "على الحكومة ان تتبنى تنشيط القطاعات الحيوية، وتتجه بعد كورونا نحو سياسية تنويع الاقتصاد العراقي، وتعتمد على الزراعة بالدرجة الاساس ومن ثم الصناعة"، مبينة اننا "نحتاج الى توفير كافة المستلزمات للزراعة، التي تساهم في ابراز الصناعات الغذائية من خلالها".
وقالت ان "المدة المتوقعة لوصول العراق لحالة التعافي من ازماته الاقتصادية، ليست بالسهلة، هذا الامر يحتاج الى الاعتماد على سيتراتيجيات قوية، ومع اشتراط ان توفر حماية المنتجات الصناعية او الزراعية او الحربية وغيرها من المنتجات المحلية".
ووضع عضو اللجنة المالية النيابية النائب جمال كوجر، الاربعاء 15-4-2020، ثلاثة حلول حسب اعتقاده لمواجهة انهيار الطلب على النفط عالمياً والذي اثر على موازنة العراق نتيجة تراجع اسعار النفط.
وقال كوجر، لوكالة (بغداد اليوم)، ان "توقع انهيار الطلب على النفط العام الحالي وفق تقديرات منظمة الطاقة الدولية ياتي من تداعيات 3 ازمات متعاقبة ضربت العالم هي الازمة الاقتصادية بداية العام الجاري اعقبها الخلاف النفطي في اوبك ومن ثم تداعيات فيروس كورونا".
واضاف كوجر، ان "العراق من الدول الاكثر تضررا من تداعيات انهيار الطلب على النفط والذي دفع الى انهيار الاسعار بمعدلات كبيرة جدا" لافتا الى ان "البلاد امامها ثلاثة حلول لمواجهة الانهيار هي تعظيم الموارد غير النفظية ومكافحة الفساد المالي والاداري واجراء اصلاحات اقتصادية وسياسية كبيرة".
ولفت الى ان "الحلول لن تتحقق الا بوجود حكومة قوية وان لا يدار الملف الاقتصادي بأياد فاسدة او ضعيفة".
واشار كوجر الى ان "من بين الحقائق المؤلمة في البلاد الهدر الكبير بالمال العام والموارد والترهل الوظيفي ووجود احصائيات كبيرة عن تلقي عشرات الاف من الموظفين الحكوميين أكثر من راتب"، مؤكدا بان "الوقت حان لمعالجة جذرية لاقتصاد البلاد لتفادي الوقوع في ازمات حادة جدا".