أقامت رابطة الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم بالتعاون مع رابطة الأنصار الديمقراطيين في ستوكهولم وشمال السويد، ندوة حوارية حول إنتفاضة تشرين، إستضافت فيها الإعلامي محمد الكحط، وجمهور متميز، في ستوكهولم، بتاريخ ٢٢/٢/٢٠٢٠.

أدار الندوة الرفيق حازم قوشي، مرحباً بالحضور وبملازم خضر "أبو رائد" رئيس رابطة الأنصار ودعاهم للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الإنتفاضة.

تحدث محمد الكحط عن إنتفاضة تشرين الشبابية الشعبية كونها أكبر حدث في تاريخ العراق الحديث، مشخصاً أسباب اندلاعها، وإنطباعاته عن القوى المشاركة فيها من مختلف الطبقات والشرائح الإجتماعية المسحوقة من الشباب المعدمين، وإلتحاق الطلبة فيها الذي أعطاها زخم الديمومة والصمود بسلميتها، وتحولت من انتفاضة مطلبية الى أنتفاضة ذات مطالب سياسية تطالب بالتغيير الجذري، وأشار الى أن الصراع بين القوى المتنفذة والمنتفضين هو بالأساس على طبيعة النظام السياسي، فالمنتفضون يرفضون نطام المحاصصة والفساد ويطالبون بدولة ديمقراطية تبنى على أساس المواطنة بعيداً عن المحاصصة.

وأشار الى ان الحراك المدني المنظم لسنوات طويلة كان له أثر على انطلاق الانتفاضة، فأنطلقت التظاهرات المطلبية التى سرعان ما تحولت الى هبة جماهيرية بسبب العنف الذي مارسته السلطات ضد المتظاهرين ومن ثم توسعت لتصبح انتفاضة شبابية شعبية كبرى شاملة، ذات مضامين وطنية وتوجهات ديمقراطية تهدف الى العدالة الاجتماعية، وقواها المحركة هي الطبقات المعدمة والمحرومة والشباب والطلبة وفئات المجتمع الواعية المختلفة من مثقفين وموظفين وغيرهم.

وتناول معالجات السلطات الحاكمة للأوضاع، فحاولت القضاء عليها بمختلف الأساليب القمعية والعنفية بإستخدام الماء الحار والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وعبواته القاتلة والرصاص الحي وأخيراً إستخدام بنادق الصيد، وكذلك الإعتداء بالسكاكين والهراوات، ناهيك عن الإعتقالات والإغتيالات وإعتماد إسلوب التعذيب الوحشي والتهديد، ولكن كل الأساليب فشلت في القضاء على الإنتفاضة، ومن ثم قامت بأعطاء تنازلات متسرعة غير مدروسة، مثلا الوعود بالتعيينات، واصدار قانون انتخابات جديد لم يقر حتى الآن رسمياً، ومفوضية جديدة من القضاة لازال عملها مبهما، وتم تشكيل لجنة لإعادة صياغة فقرات في الدستور العراقي من نفس أعضاء القوى المتنفذة. وأستمرت أساليب الغدر والترهيب والخداع والتشويه والصاق التهم بالأنتفاضة والمنتفضين، وحركت جيوشها الالكترونية لبث الدعايات وترويع الناس وأحباط المعنويات والهمم، فهي تخشى من التجمعات الكبرى.

وتحدث عن ما أحدثته الأنتفاضة في الوضع العراقي، فقد خلقت وضعا ثوريا مثاليا، وتعتبر أكبر حدث سياسي في تاريخ العراق المعاصر، وأعادت الروح الوطنية لدى الشباب التي غابت لفترة طويلة بفعل السياسات الخاطئة، وأزالت الانتفاضة حاجز الخوف وأسقطت التابلوهات والرموز المصطنعة، وأبرزت طاقات كبيرة في صفوف شعبنا، فبرز الفنانون والأدباء والشعراء وفي المسرح والرسم، وفي الخطابة من كلا الجنسين، وتحدث عن دور المرأة المتميز في الانتفاضة وأعطت مساهمتها زخم كبير للأنتفاضة الإسعاف والمعالجة والمشاركة في التظاهرات والإسناد رغم تعرضهن إلى أنواع المضايقات والإعتقال والتهديد ومحاولة تشويه السمعة من قبل المليشيات وقوة الأمن.

وتطرق إلى مواقف الشباب الذين يبحثون عن وطن خال من الأزمات التي خلقتها طبقة السياسيين الجدد منذ الإحتلال ٢٠٠٣، والتي أعلنت في الندوات داخل ساحات التظاهر.

 وتطرق محمد الكحط للسلبيات المرافقة للأنتفاضة، منها إفتقارها لقيادة موحدة، رغم التطور في تجذرها وعدم وجود نوع من التنسيق بين ساحات التظاهر في البداية، وعدم التجانس الفكري والوعي للقادة الميدانيين مما سبب وجود خلافات حول العديد من القضايا المهمة، فالبعض يطالب بمواجهة العنف بالعنف، وآخرون يريدونها ان تستمر سلمية، وغيرها من الخلافات الأخرى، وأشار الى ضعف الخبرة وضعف الحس الأمني للمنتفضين مما أوقعهم في فخاخ الزمر الارهابية وتم اختراقهم، مما تسبب في وقوع العديد من الشهداء، بفعل الاغتيالات للنشطاء منهم.

وتحدث على الصعيد السياسي وما حققته الانتفاضة من تأييد ودعم عالمي بسبب نشاطات أبناء الجالية العراقية، فالأنتفاضة عبأت أبناء شعبنا في الداخل والخارج، وفضحت طبيعة النظام المستبد وممارساته القمعية ضد المنتفضين، وأفرزت الانتفاضة أصطفافات جديدة في المجتمع بل تعرضت حتى فصائل السلطة الى الانقسام والاختلاف، مما يتطلب العمل على تشكيل تحالفات مدنية ديمقراطية علمانية شعبية ضد السلطة الحالية، سلطة المحاصصة والفساد ومن أجل إعادة بناء الدولة على أساس المواطنة.

وأجرى الكحط مقارنة بين الوضع الثوري في العراق وما كان في مصر والسودان حيث حسم الجيش الصراع، أما في العراق فما يعيق ذلك هو وجود الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب المتنفذة والتي تملك القدرات الكبيرة، ووهي مدعومة ولها ارتباطاتها الخارجية، وان المتنفذين سيدافعون عن أنفسهم حتى النهاية، لأنهم سوف لن يخسروا أمتيازاتهم فقط بل سيقدمون الى المحاكم على ما أرتكبوه من قتل وما مارسوه من فساد.

وكانت هناك مداخلات من الحضور، أغنت الحوار وأكدت على أهمية إيجاد تعاون وتنسيق بين الديمقراطيين واليساريين واللبراليين في الخارج ولا سيما في ستوكهولم والسويد وبقية دول المهجر لدعم الإنتفاضة بكل الأشكال والمساعدة على تكوين قيادة موحدة تعبر عن مصالح ومطالب الشعب المنتفض.

وفي الختام قدمت باقة ورد للإعلامي محمد الكحط.