طريق الشعب

في مؤشر إلى الإصرار على مواصلة الاحتجاجات رغم تشديد القمع أخيراً، والذي أسفر عن استشهاد 15 متظاهراً وجرح أكثر من 250 آخرين، غالبيتهم في بغداد وذي قار، يقود ناشطون بارزون في ساحات التظاهر ببغداد وجنوب العراق ووسطه، حراكاً جديداً نحو الأمم المتحدة للضغط على حكومة بلادهم من أجل وقف استخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز وعمليات الاعتقال خارج إطار القانون والقضاء، فضلاً عن إلزامها بمنع هجمات المسلحين المجهولين.

وقد ارتفعت وتيرة هذه الهجمات خلال الأسبوعين الماضيين، حيث سجّلت في البصرة وكربلاء والناصرية وبغداد والنجف، هجمات بالرصاص عن بُعد ضدّ المحتجين، ومهاجمة ساحات الاحتجاج وإضرام النار بالخيمات، وهدم منصات التظاهر.

ووفقاً لمصادر من داخل ساحتي "التحرير" و"الحبوبي"، فإنّ التحرّك الجديد سيشمل أيضاً قادة الشرطة والجيش، لمطالبتهم بتوفير حماية لساحات الاحتجاج، بحسب ما تقتضيه مهمتهم، وتحميلهم مسؤولية الاعتداءات المتكررة على المتظاهرين.

في السياق، قال أحد قادة التظاهر في الناصرية، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إنّ "التحرّك نحو الأمم المتحدة، على الرغم من تاريخها كمتفرّج على الأحداث في العراق، أفضل من لا شيء"، موضحاً في حديث صحفي، أنّ "ناشطين عراقيين مغتربين سيتولون مهمة إيصال المناشدات للأمم المتحدة، كما يجري التحضير لوقفات احتجاجية من قبل عدد من الجاليات العراقية في دول غربية عدة، للفت الانتباه لما يتعرّض له المتظاهرون في بلدهم".

وأكّد أنّ "هناك تجاوباً من شيوخ عشائر في البصرة والناصرية وميسان والمثنى لتشكيل ضغط على الحكومة من أجل وقف العنف".

ورفع المحتجون أخيراً في عدد من المدن العراقية، عبارة "لا نطلب المستحيل". وفي هذا الإطار، قال الناشط علي الغزي، من الناصرية، إنّ المتظاهرين "لا يطلبون مستحيلاً. يريدون وطناً بلا فساد ولا طائفية، وخدمات محترمة، وقانون انتخابات عادلاً، ومحاسبة من سرق أموال الناس. فهل ما يطلبونه مستحيلاً أو محرّماً مثلاً؟"، معتبراً أنّ "عمليات القتل المستمرة لا تذكّر إلا بما كنا نسمعه من آبائنا عن أيام الدكتاتور صدام حسين".

من جهته، قال عضو لجنة تنسيقية تظاهرات بغداد حسين النجار، في حديث صحفي، إنّ "الحماية للمتظاهرين لا يمكن لأي جهة توفيرها غير القوات الأمنية الرسمية، خصوصاً في بلد الأمن فيه منفلت، في ظل وجود جماعات مسلحة خارجة عن القانون، ورئيس وزراء مستقيل لا يمكنه حلّ الأزمات حالياً، ولم يفعل ذلك سابقاً".

وأوضح النجار أنّ "توجّه المتظاهرين نحو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، هدفه طلب الضغط الدولي على الحكومة العراقية، لإيقاف عمليات القتل والقمع التي يتعرّض لها المتظاهرون بشكل يومي. كما تمّ التحرّك على مستوى الجاليات العراقية في الخارج من أجل إقامة وقفات احتجاج أمام البرلمانات الأوربية والدولية، والوزارات الخارجية، لمضاعفة الضغط على الحكومة".

إلى ذلك، قال رئيس "المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية" واثق الهاشمي، إنّ "المتظاهرين يحاولون إيصال صوتهم بطرق متعددة، خصوصاً بعد عدم سماعهم في الداخل وعدم الاستجابة لمطالبهم، وهو ما دفعهم إلى اللجوء للمنظمات الدولية".

ومع مرور نحو خمسة أيام على انسحاب أنصار التيار الصدري من التظاهرات، والذين كانوا يوفرون جزءاً كبيراً من الطعام والوقود للمتظاهرين، فضلاً عن تشكيلهم نسباً متفاوتة من زخم التظاهرات كل يوم، فإنّ عائلات ومواكب حسينية في مدن عدة تكفلت بتأمين الطعام للمتظاهرين. كما تعهدت مطاعم ومطابخ شعبية في بغداد والبصرة والسماوة وكربلاء والنجف بالقيام بهذه المهمة، بينما شهد اليومان الماضيان، حشوداً كبيرة شاركت في التظاهر، أغلبها من الطلبة.