متابعة "طريق الشعب"
فيما تقترب تظاهرات العراق، التي بدأت في أول تشرين الأول الماضي من دخول شهرها الثالث، جاء يوم أمس الأول الجمعة دامياً، حيث سقط أربعة ِشهداء وعشرات المصابين في بغداد والبصرة، وسط تواصل اكتظاظ الساحات في الوسط والجنوب بالمتظاهرين.
وكرست الحكومة أخيرا، جهودها لتقليل أعداد المتظاهرين، في محاولة منها، على ما يبدو، لبث اليأس في نفوس المتظاهرين، بالتزامن مع حملات تشويه واتهامات واسعة تطلقها تجاه المتظاهرين على لسان مسؤولين ومتحدثين باسمها.
وحتى الآن، قدمت الحكومة العراقية والبرلمان حزم تشريعات مختلفة بلغت نحو 70 قرارا تلبية لمطالب المحتجين على حد زعمها، على شكل أربع حزم إصلاحية، إلا أن المتظاهرين يرون أنها غير واقعية ويطالبون بإقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي.
وفي ساعات الصباح الأولى يوم أمس، حاولت عناصر الأمن في بغداد التقدم نحو ساحة الخلاني القريبة من ساحة التحرير ببغداد في محاولة لإبعاد المتظاهرين عنها وفتحها أمام حركة المرور، إلا أنها قوبلت بردّة فعل من قبل المتظاهرين الذين اندفع المئات من ساحة التحرير باتجاههم، ما أجبر عناصر الأمن على التراجع.
ووفقا للناشط المدني حسين المحمداوي، فإن "الحكومة تحاول من خلال تحركاتها تضييق دائرة التظاهر وحصرها في ساحة التحرير فقط"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "أغلب الاشتباكات التي تقع في ساحة الخلاني وجسر الأحرار، هي بسبب تلك المحاولات، حيث تسعى عناصر القوات الامنية إلى إجبار المتظاهرين بقوة السلاح على التراجع".
وأكد أن "الأمر المستغرب هو أن الحكومة وعناصر الأمن، طيلة فترة التظاهرات، لم يبق لديهم أي شك من سلميتها، ومع ذلك فهناك إصرار منهم على استعمال الرصاص الحي وأنواع الأسلحة في سبيل تفريق المتظاهرين بالقوة". ولم تستثن التعزيزات العسكرية الكبيرة واستخدام القوة المفرطة أية محافظة عراقية تشهد تظاهرات، ففي كربلاء التي شهدت ليلة دامية سجلت فيها نحو 25 إصابة في صفوف المتظاهرين، وتجددت صباح يوم أمس التظاهرات فيها قرب مبنى المحافظة، وسط انتشار عسكري كثيف جدا، وعمليات كر وفر بين المتظاهرين وعناصر القوات الأمنية.
ولم تكن البصرة بمنأى عن تلك المشاهد، إذ حاول عناصر الأمن، صباح يوم أمس، تفريق المتظاهرين الذين احتشدوا في منطقة خور الزبير، وحاولوا قطع الطرق فيها، بينما يتوافد مئات المتظاهرين نحو ساحة البحرية وسط المدينة.
وفي ذي قار، تجددت التظاهرات، صباح يوم أمس، في قلعة سكر، بينما اتخذت عناصر الأمن إجراءات مشددة، في محاولة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة الحبوبي وسط الناصرية (مركز المحافظة).
ويجري ذلك وسط استمرار للاعتصامات في محافظات ميسان والديوانية وبابل والمثنى، إذ يبيت المعتصمون في خيام خاصة نصبوها في ساحات التظاهر.
وتحذّر جهات سياسية من مغبة استمرار تجاهل مطالب المتظاهرين وعدم تنفيذها، والذي قد يدفع البلاد نحو المجهول.
وقال النائب عن تحالف النصر، رياض التميمي، في بيان صحفي، انه "يجب على الجهات المعنية الامتثال الحقيقي لمطالب الشعب ودعوات المرجعية الدينية، من دون تسويف"، مشددا على "ضرورة عدم النظر إلى التظاهرات من زاوية ضيقة واعتبارها مدعومة من جهات لا تريد الخير للعراق".
ودعا إلى "اللقاء المباشر بالمتظاهرين وعدم الابتعاد عنهم، وإلا فإن الأمور لن تُحل بقرارات ووعود التهدئة من دون تنفيذ"، مؤكدا على "أهمية إقرار قانون الانتخابات بمفوضية جديدة، امتثالا لمطالب الشعب والمرجعية".