لكل من لا يعرف.. والدي هو الدكتور صفاء الحافظ الذي نَذَر حياته كلها للوطن، حتى اختفى نهائياً من معتقله في بداية الثمانينات..
كانت والدتي تكرر علينا ان والدنا كان دائماً يتمنى ان يقدم حياته قرباناً للوطن وينهي تاريخه بهذه التضحية..
تغيرت خارطة حياتنا فجأة بعد استشهاده وتعرضنا كعائلة لظروف قاسية لم يفارقها يوماً الخوف وعدم الأمان.. وكنت دائما أتساءل: هل تستحق تضحية والدي بحياته كل هذه المعاناة؟ لكني لم احصل على اجابة تقنعني حينها.
بعد احداث 2003، اصبح الوطن محتلاً ومرٌ الشعب بأكبر خيبة أمل، وتوقعت ان حلم والدي بـ (وطن حر وشعب سعيد) قد تلاشى الى غير رجعة. وكنت اتحسر اكثر وأكثر على خسارته لوطن لا يعرف ابناؤه قيمته، مثلما عرفها الكثير وقدموا حياتهم فداء من اجله..
وبقيت عندي هذه القناعة حتى في بداية شهر تشرين الاول من هذا العام، لكنها تبخرت نهائياً يوم ٢٥ منه، يوم اثبت الشباب العراقي كُبر حسه الوطني وحبه الأصيل لهذا البلد. وفعلاً لا يصح الا الصحيح، فشعبنا حي لا يموت رغم صبر العراق الطويل على معاناته وآلامه.
لا اشك ابدا انني قد حصلت اليوم على الإجابة على تساؤلاتي كلها ، وان ما قدمه والدي وغيره الكثيرون لهذا الوطن كان واجباً لكي يحدث ما يحدث الآن، وأن ارواحهم في السماء جميعاً فرحة بهذه الصحوة الجماهيرية.
بابا.. اعلمُ جيداً انك ترى وتسمع ما يحدث اليوم في عراقك الذي تعشق. سامحني فقط لانني فهمت درسك الكبير متأخرة.. صار الشعب حراً وسيكون سعيد قريباً، نم قرير العين حبيبي!

#صفاء_الحافظ
#ثورة_تشرين

عرض مقالات: