طريق الشعب
تشهد بغداد وعدد من المحافظات والمدن العراقية انتفاضة عارمة سقط على إثرها الالاف من الضحايا بين قتيل وجريح، لكن على الرغم من تعرضها للعنف والقمع الّا أنها تمثل وجها مشرقا للشعب العراقي وصورة ناصعة عن تكاتفه وتآزره وتلاحمه.

شبكة "رووداو" الإعلامية نقلت الأجواء اليومية في ساحة التحرير، حيث ذكر تقرير لها أنه "أعتاد المتظاهرون أن يناموا في الشوارع وبين خيام ساحة التحرير أملاً في تحقيق أحلامهم، فعند باكورة الصباح، وقبل أن يبدأ الزحام يحين موعد استيقاظهم".
وفي خطوة أولى منهم يبدأ الشباب بتنظيف شوارع الساحة حتى موعد الإفطار الذي يتم خلاله تحضير الخبز الحار لهم، عندها تبدأ الساحة تدريجيا بالاكتظاظ بالمتظاهرين شيئا فشيئا، لتكون التكاتك على أهُبّة الاستعداد ليوم حافل.
ويشكل متظاهرو محافظات جنوب العراق نسبة 30 في المائة من متظاهري ساحة التحرير، بحسب الشبكة.
وحول بعض مطالب المتظاهرين قال سمير أبو علي وهو أحد المشاركين من محافظة واسط في ساحة التحرير أنه" في البداية نريد تأمين فرص عمل للشباب، من ثم تعيين حاملي الشهادات، وإيجاد حل لمشكلات هذا الشعب".
وعن سبب قدومها من بابل إلى ساحة التحرير للتظاهر بينت أم فاطمة أنها" جاءت من محافظة بابل إلى ميدان التحرير، ميدان العزة والشرف والصمود"، مضيفة" جئنا لنوحد أقوالنا ونقول، (لبيك يا عراق، لبيك يا عراق) ".
ويعلق مصطفى كوران مراسل شبكة رووداو الإعلامية على مكان يشبه المعرض الصغير بقوله:" تم تحويل هذا الجزء من ساحة التحرير إلى ما يشبه المعرض، حيث تم تعليق صور الضحايا وبقايا الأعيرة النارية وقنابلِ الغاز المسيل للدموع، لذا يرتاده عدد كبير من المتظاهرين لوضع باقات الزهور وقراءة الفاتحة على أرواح شهدائهم".
ويضيف كوران أنه" يشاهد الزائر لساحة التحرير كل عشيرة لها خيَمها الخاصة التي نصبتها بنفسها، في الساحة، حيث تُوزِع ثلاثَ وجبات من الطعام والشراب على المتظاهرين يومياً"، وهذا إحدى أبواب توفير الطعام للمتظاهرين.
صفاء عبود وهو داعم لوجسيتي لإطعام المتظاهرين يقول إنه "نستيقظ من نومنا ونتناول طعام الإفطار، فكل ما قد يخطر لك في البال موجود"، مشيرا إلى أن" المساعدات تأتينا والخيرين كثيرون، فلدينا ماء وعصائر كل ما هو موجود في السوق موجود هنا، ثلاث وجبات طعام أو خمس وجبات، أي وقت تجوع فيه تستطيع أن تأكل"، مضيفا أن" الكل هنا يطالبون بحقوقهم، هنا جاء الشعب ليقول كفى".
وكما للرجال دور كبير في التظاهر والصمود كان للنساء دور لا يقل شأنا عنهم، فينحصر دورهن في المشاركة وإعداد الطعام وتشجيع المتظاهرين.
أم سعد وهي من بين السيدات اللواتي تعد الطعام للمتظاهرين قالت إنهم:" قبل خمسة أيام قمنا بعمل موكب وجئنا إلى هنا، وتضيف أنها " تربوية تداوم في المدرسة أربعة أيام، وأنها حين جاءت أول مرة لهذا الميدان، جاءت لتطالب بحق أولادها الخمسة الذين تخرجوا ولم يتم تعيينهم بعد".
وعن أبنائها تقول أم سعد أيضاً، إنهم" حاصلون على شهادات "ماجستير" وهندسة، ورياضيات، ولغة إنكليزية، بالإضافة لشهادة الدكتوراه في التاريخ".
أما عن زوجها الذي قتل على يد الإرهابيين، بحسب ما أشارت أم سعد، تقول إنها، "تحمل صورته منذ خمسة سنوات، ولم يمنحوا راتباً حتى الآن، ولا تم تسجيلهم بين متضرري الإرهاب بعد".
هذا وتقام العديد من النشاطات في هذه الساحة يومياً كعزف الموسيقى والأناشيد الحماسية والمطالبة بالحقوق والتي تهتف باسم الوطن.
تشير آخر إحصائية لمفوضية حقوق الإنسان، إلى مقتل أكثر من 320 شخصاً وإصابة ما يقارب 16 ألفا آخرين، منذ بداية تشرين الأول وحتى الآن، فلا يمر يوم دون سماع دوي الانفجارات، ناهيك عن استنشاق الغاز المسيل للدموع ليلاً.