كثيرا ما يتحدث جمهورنا الكروي عن عطاء ومستوى لاعبي الامس مقارنة بما يقدمه لاعبو اليوم من عطاء وإمكانات.

ومن أجل تسليط الضوء على المستوى الفني للاعبينا خلال مراحل مهمة من تاريخ كرة القدم العراقية، الأولى هي فترة منتصف الثمانينات والتأهل الى نهائيات كأس العالم عام 1986 في المكسيك والثانية هي مرحلة مطلع الألفية حيث حصد نجومنا انجازين مهمين هما المركز الرابع في أولمبياد أثينا عام 2004، وهو افضل انجاز أولمبي بعد نحاسية الرباع عبد الواحد عزيز في دورة روما عام 1960، ومن ثم الفوز ببطولة الأمم الآسيوية عام 2007، وهو انجاز تاريخي كبير، لكن الحال تغير كثيراً فيما بعد، وسنحاول ان نمر على تلك الفترتين الذهبيتين التي مرت بهما كرة القدم العراقية وحققنا فيها إنجازات ونجاحات..

تراكم الخبرات وتطور المستوى أوصلنا الى كأس العالم

دخلت كرة القدم الى العراق في مطلع القرن الماضي عن طريق الطلبة الدارسين في تركيا ومع جيش الاحتلال البريطاني عام 1914 عن طريق ميناء البصرة وكانت تمارس بشكل بدائي وعشقها الطلبة والجنود واستمرت ممارستها حتى منتصف القرن الماضي، بعدها تشكلت عدة فرق وتأسس الاتحاد العراقي لكرة القدم عام 1948، لتدخل الكرة العراقية عالما آخر من المسابقات والبطولات المحلية والدولية، واستطيع ان اعتبر الدورة الآسيوية التاسعة التي نظمت في الهند عام 1982 هي الانطلاقة الأولى لكرة القدم العراقية على المستوى الدولي، حيث حقق المنتخب الميدالية الذهبية، عندما فاز على منتخب بورما 4- صفر وعلى منتخب النيبال 3- صفر وخسر امام الكويت 2- 1 وتأهل الثاني وفاز على منتخب اليابان 1- صفر وفاز على منتخب السعودية 1- صفر ليصل المباراة النهائية امام الكويت ويفوز منتخبنا بهدف مقابل لاشيء سجله النجم حسين سعيد.

وضم الفريق نخبة من نجوم الكرة هم رعد حمودي وصادق جبر وعدنان درجال وكريم علاوي وخليل علاوي وناطق هاشم وواثق اسود وايوب اديشو وحارس محمد وحسين سعيد وعماد جاسم واسامة فوزي وسعد جاسم واحمد راضي وفيصل عزيز ومهدي عبد الصاحب وحسن علي وعلي حسين. وقاد الفريق شيخ المدربين عمو بابا. وانا أجد ان هذه المجموعة هي أساس بناء المنتخب الوطني العراقي الذي تأهل الى كأس العالم في المكسيك عام 1986، واعتقد ان هذه المجموعة مضاف اليها لاعبون جدد كان لها دور متميز في نقل كرة القدم العراقية الى مصاف العالمية، اذ توفرت للفريق رغم ظروف الحرب العراقية الإيرانية وعدم اللعب في العراق بسبب الحظر الدولي، فاضطر الى لعب جميع مبارياته خارج ارضه.

هل كان التأهل الى المكسيك مستحقاً؟

كان التأهل الى نهائيات كأس العالم مؤشراً مهماً على انطلاق كرة القدم نحو آفاق العالمية، فعلى الرغم من صعوبة الظروف وإقامة مباريات منتخبنا خارج ارضه وعدم اللعب امام جماهيره، وفعلا كانت المنافسات شاقة واستمرت ستة عشر شهرا، واصبح الفريق العراقي هو الفريق العربي السادس الذي ترشح الى نهائيات كأس العالم منذ انطلاقتها عما 1930 حتى عام 1986، وبذلت جهود ونشاطات وبرامج واندفاع رسمي ودعم حكومي كبير للفريق وكانت أولى الخطوات استقدام طاقم تدريب برازيلي بقيادة جورج فييرا في التصفيات التمهيدية ولعب العراق ضمن مجموعة قطر والأردن ولبنان وقد تأهل الفريق الى الدور التالي لملاقاة الامارات وسوريا وتمكن من الفوز في دبي 3- 2 وفي الإياب خسر منتخبنا 2- 1 ولكنه ترشح بفارق الأهداف، وكان للمهاجم كريم صدام حكاية مع الهدف العراقي الذي سجله في الدقيقة 90 وقد حسم المباراة لصالحنا وكانت اللقاءات الحاسمة امام منتخب سوريا، حيث تعادلنا في دمشق صفر – صفر وفي مباراة الإياب التي جرت في الطائف فاز منتخبنا بـ 3- 1 ليتأهل الى نهائيات كأس العالم.

وكانت فقرة عدم الاستقرار التدريبي واحدة من أسوأ النماذج وقد انعكس ذلك سلبا على المستوى الفني للفريق والواقع النفسي للاعبين. وهو ما ثبته الفيفا في تقريره عن الفرق الـ 24 المتأهلة. فقد قاد المنتخب في مباريات قطر الدكتور عبد القادر زينل وأكرم سلمان اما مباريات الامارات فقد قادها ثامر محسن وواثق ناجي وحازم جسام، وفي مباراة الطائف اعفي أكرم سلمان ومساعده احمد صبحي بعد خسارتين امام السعودية (تجريبية). واثناء السفر الى المكسيك انتدب رئيس اتحاد الكرة المدرب البرازيلي إيفرستو لقيادة المنتخب العراقي من اتحاد الكرة القطري. ضمت تشكيلة الفريق آنذاك كل من: رعد حمودي وخليل محمد علاوي وعلي حسين وسمير كاظم وناظم شاكر وغانم عريبي وحارس محمد وناطق هاشم وباسل كوركيس واحمد راضي وحسين سعيد ورحيم حميد وباسم قاسم. ولعبنا ثلاث مباريات خسرنا مع البارغواي 1-صفر وامام بلجيكا 2- 1 وامام المكسيك (البلد المنظم) 1- صفر.

هذا ما تحقق في تجربتنا عام 1986 لكننا لم نطور واقعنا ولم ندرس حالنا ولم نعمل من اجل البحث عن الأساليب العلمية الصحيحة، بينما الدول الشقيقة والمجاورة عملت وسعت وتطورت وهي الآن تسير على الطريق الصحيح.

عرض مقالات: