في مناسبة الذكرى الحادية عشرة لاغتيال شهيد الثقافة العراقية كامل شياع، عقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، الأربعاء الماضي، ندوة تحت عنوان "اغتيال المثقف وسوسيولوجيا الكراهية".
الندوة التي احتضنتها قاعة الجواهري في مقر الاتحاد، حضرها وزير الثقافة الأسبق الرفيق مفيد الجزائري، ورئيس الاتحاد الباحث ناجح المعموري، والرئيس السابق فاضل ثامر، وشقيق الشهيد فيصل عبدالله، إلى جانب جمع من المثقفين والأدباء والباحثين والإعلاميين.
الناقد علي الفواز الذي أدار الندوة، استهل تقديمه مشيرا إلى أن هذا النشاط "يعد استذكاريا واستعاديا في آن واحد، في ذكرى رحيل واستشهاد صديق الجميع كامل شياع"، مضيفا أن "الحديث عن كامل هو حديث عن رمزية المثقف حينما يكون بطلا، وان فاعلية البطل تكون في حضوره وغيابه".
وأضاف قائلا أن الشهيد كامل شياع حاول بناء مسارات سليمة لمشهد الوعي والثقافة بشكل عام، ما جعل قوى الظلام تضعه أمامها لخطورة فعله ومنطقية وعيه، مشددا على أهمية أن يسعى المثقف إلى "إعادة اكتشاف الوعي وصناعة الموقف المواجه لكل التحديات، وما يحصل من فوضى داخل جغرافية الوطن".
وكان أول المساهمين في الندوة الرفيق مفيد الجزائري، الذي قال: " حين نلتقي كل سنة في ذكرى كامل شياع، شهيدنا وشهيد الوطن والثقافة، فاننا لا نكرر دائما ذات الكلام، انما نكتشف ونؤشر مع مرور الزمن أمورا جديدة من مدونات الشهيد وإرثه الثقافي"، مضيفا قوله انه كان لا بد ان تكون الخطوة الأولى بعد العام 2003 تهيئة نهوض الثقافة العراقية التي تعرضت للتخريب على يد الدكتاتورية، وإعادة بنائها. وهذا ما سعت إليه وزارة الثقافة الأولى، وسعى إلى تحقيقه الشهيد كامل شياع بكل عقله، من خلال لم شمل الثقافة وجمع المثقفين وإقامة مؤتمر لهم بهدف إعادة بنائها. وقد انعقد ذلك المؤتمر بنجاح سنة 2005، وخرج بنتائجه الثمينة المعروفة، التي بقيت مهملة طيلة السنوات الماضية. ووصف الجزائري الشهيد كامل شياع بانه "مهندس ورمز إعادة البناء الثقافي " المذكورة.
وتابع الرفيق الجزائري حديثه قائلا: "علينا في كل عام أن نحرص على تعميق معرفتنا بكامل شياع والافادة من إنجازه، وأن نكرس الجهد الضروري للضغط على الجهات الحكومية المسؤولة بالكف عن التجاهل والإهمال في قضية اغتيال الشهيد ولكشف الجناة ومعاقبتهم وإحقاق الحق وفرض العدالة".
بعد ذلك ساهم الباحث حسين الجاف في تقديم مداخلة، قال فيها: "كثيرون راحت حيواتهم هباء منثورا على مذبح الفكر ومنبر التحدي، لأنهم أدوا ضريبة التصدي للخطأ وواجهوا جبروت المتسلطين بكلمة لا"، مضيفا ان "للفكر ضريبة وللثورة ثمنا وللتحدي نتيجة قد لا تكون في كثير من الأحيان آتية على وفق أحلام الثائرين، لذا كان اغتيال كامل شياع، اغتيالا للثقافة والحياة".
ووجه د. حسين القاصد رسالة إلى الندوة، ذكر فيها أن الشهيد كامل شياع "كان مثالا للهدوء والوعي والخلق النبيل. لكنه تقمص اسمه، فاكتمل وشاع، ثم خلد، وانزوت الرصاصة التي حاولت اسكاته. ها هو اليوم بينكم فرحبوا به خالدا بنبله ووعيه وصداه. لروحه السلام والمجد والخلود".
وتحدث في الندوة أيضا الناقد فاضل ثامر، الذي اشار إلى أن "اغتيال كامل شياع اغتيال للثقافة المغايرة، ومحاولة لاغتيال العقل العراقي التنويري، وتخريب الوطن الناهض للثقافة"، مضيفا القول ان "جميع من يريد التخريب يشترك في هذا القمع، لكننا نعلن انه لن ترهبنا هذه الأساليب ولا يمكن ان نستسلم".
أما الباحث ناجح المعموري، فقد لفت في مداخلته التي قدمها خلال الندوة، إلى أهمية إعادة اكتشاف الشهيد كامل شياع وقراءة إرثه ثانية، وعقد أكثر من ندوة لدراسة مدوناته، حتى لا يكون استذكاره تقليديا أو صوريا.
هذا وساهم في الندوة أيضا كل من د. علي المرهج ود. خليل إبراهيم وأمين الموسوي، في الحديث عن الاغتيال وعن إشكالية المثقف والسلطة، وعدم جدية السلطة في التعامل مع قضية استهداف المثقف ومشروع الاغتيال الذي طال الكثير من المثقفين.