غادرنا في21/7 الصديق والكادر القيادي في الحزب الشيوعي العراقي سامي عبد الرزاق الجبوري ( أبو عادل )، بعد مسيرة حافلة بالعطاء والنضال والتضحيات ، غادرنا ولا زالت ضحكته ومزاحه الذي لا ينتهي والذي كان يشيع بيننا المرح والإبتسامة ، برغم كل الظروف الصعبة ، لا زالت تتردد في أسماعنا ومجالسنا .

لقد اكتسب الفقيد أبو عادل شهرة واسعة في جميع أنحاء العراق وخاصة في محافظات الفرات الأوسط ، وفي صفوف الأنصار في كردستان وفي بلدان الغربة ، فقد امتاز بمواقفه النضالية والجرأة والروح الرفاقية والمبدئية العالية ، ومن المؤكد سيكتب الكثير من الرفاق والأصدقاء عن هذه الجوانب المشرقة . ولكني سآتناول بعض الأمور التي لم يسلط الضوء عليها بشكل واسع وخاصة تصور الظروف التي عاشها الفقيد في الفترة التي شن حزب البعث حربه على الحزب الشيوعي عام1978، فمن وجه اجتماعي معروف في مدينة الحلة وكادر قيادي في الفرات الأوسط وعضو لجنة العلاقات الوطنية الى عنصر مطارد من كل الأجهزة الأمنية والحزبية المعادية ، فكم بذل الفقيد من جهد وتحمل من صعوبات ومخاطر للتخلص منهم ،لابل والوصول الى رفاقه الأنصار في كردستان .

انتقلت مع مجموعة من الرفيقات والرفاق في بداية 1983  من بهدينان الى السليمانية وكان مقر قيادة قاطع السليمانية وكركوك في ذلك الوقت في قرية حاج مامند وكان في القرية مقر للرفاق المشخصين للنزول الى الداخل ، وهناك حصل لقاء للرفاق أعضاء لجنة الفرات الأوسط المتواجدين هناك ، ومن خلالهم علمت ان الرفيق أبو عادل عضو لجنة الفرات الأوسط موجود في احدى القرى ويسكن مع احدى العوائل العربية التي وصلت من الداخل وكان الرفيق ابو عادل قد كلف بمهام مراسلة تنظيمات الداخل في محافظة بابل ، ومن خلال الشهيد أبو رهيب في بابل وصلت رسائل من الشهيدة ام سعد مسؤولة محافظة القادسية ومن رفاق في ريف كربلاء.

سنحت لي الفرصة أن اوصل الى الرفيق ابو عادل بعض الأشياء ومن أجل أن ألتقي به ، فلم نلتقي منذ عام 1977  ، وقد شاهدت الظروف التي كان يعيشها الرفيق ، كان يرافقه الرفيق ابو صالح من بابل مع بندقيتي كلاشنكوف ومعهم عائلة عربية ويستأجرون بيتا في قرية صغيرة جدا ، وقد استغربت جدا لهذا الوضع الذي يثير كل المخاوف على الرفيق ومن معه ، فالريف الكردي كان يحوي كل شئ ، الصديق والعدو وعيون السلطة وعملاءها في كل مكان ، خاصة والعائلة غير كردية وإن الأنصار والبيشمرگة ليسوا قريبين منهم وهذا ما يثير المطامع . ولكن ميزة موقع البيت والقرية إنها تسهل حركة المراسلين الذين يحتاجهم الفقيد ابو عادل. ولم يطل الأمر حتى قطعت جريمة بشت آشان كل هذه الخيوط ، وجرى انسحاب أنصار حزبنا الى منطقة قرداغ.

وبعد اشتداد المرض على الفقيد حيث كان يعاني من الالتهاب المزمن للقولون تم ارساله الى الخارج للعلاج ، ليعود عام 1986، عاد الفقيد الى قاطع السليمانية وكركوك مجددا ، لآنه أنسب مكان له لمهام مراسلة رفاق محافظة بابل وبقى الرفيق يتنقل بين مقر قاطع السليمانية وكركوك في قرداغ ومقر سرية گرميان من أجل اداء مهامه الخطيرة والمعقدة ، الى أن حدث هجوم الأنفال وجرى تهجير وحرق القرى الكردية واضطر الأنصار للانسحاب الى جبل قنديل . وبرغم معاناة الرفيق ابو عادل الصحية إلا انه استطاع اجتياز هذه المحنة والوصول مع رفاقه الأنصار الى جبل قنديل . ولم تنته المصاعب عند هذا الحد فقد اضطر الفقيد الى اجتياز الكثير من المصاعب والحدود للوصول الى موسكو ، ومن هناك منحته لجنة تابعة للأمم المحتدة حق اللجوء السياسي في السويد ومنح الاقامة السويدية وهو في موسكو وانتقل الى هناك عام 1992.

ودعنا الرفيق العزيز ابو عادل ‘ ولكن ذكراه وعمله ومواقفه ستجعله موجودا بين أهله ورفاقه وأصدقائه دائما.

عرض مقالات:

مقالات اخری للكاتب