صلاح العمران
ضيّف "ملتقى جيكور" الثقافي في محافظة البصرة، الثلاثاء الماضي، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في المحافظة الناقد د. سلمان كاصد، الذي قدم محاضرة بعنوان "الوجيز في القصيدة العربية – قصيدة الومضة".
المحاضرة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال جادر" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، استمع إليها حشد من الأدباء والمثقفين والمهتمين في الشأن الأدبي. وقد أدارها الشاعر سالم محسن، الذي قدم سيرة الضيف وأشار إلى انه من نقاد الأدب الحديث البارزين على المستوى العراقي والعربي، مبينا انه أصدر العديد من الكتب، من عناوينها "قصيدة النثر – دراسة في الشعر الحديث"، "الكتابة على الطين – مقاربات في النثر والشعر" و"قصيدة النثر – دراسة نقدية"، إلى جانب نشره العديد من البحوث والدراسات والمقالات النقدية.
وألقى سالم الضوء على محاضرة د. كاصد، معرجا على معنى مصطلح "الوجيز" ومقارباته، والذي يشتمل في الأدب على أجناس "المثل" و"الاقتضاب" و"الوجازة" و" الشذرة" و"المقطع" و" الحكمة.
وأضاف قائلا إن مفهوم "الوجيز" لا يقتصر على الشعر، بل يمتد إلى الرواية والقصة والمسرح، ذاكرا أنه في حزيران الماضي، عقد في بيروت مؤتمر أدبي حمل عنوان "الأدب الوجيز التأسيسي"، كان د. كاصد من بين المساهمين في محاوره إلى جانب مجموعة من النقاد العرب، وكان بين المدعوين الشاعر العربي الكبير أدونيس، الذي صاغ البيان الختامي للمؤتمر.
د. سلمان كاصد، وفي مفتتح محاضرته، أوضح أن الإيجاز في أي نص أدبي ليس معيارا لتصنيفه وتجنيسه "إذ عرفت أهمية النصوص الأدبية بمقدار ما توحي إليه من رؤى وأفكار تمنح المتلقي بُعداً جمالياً في تذوق ما يريد النص قوله موجزاً كان أم مسهباً".
وتابع معرّفا بمعنى الإيجاز في اللغة، والذي يعني "تقليل الكلام واختصاره لكي يؤدي المعنى الأكبر والأبعد المراد توصيله"، محددا الإيجاز بنوعين: "الإيجاز بالقِصَر" و"الإيجاز بالحذف".
ثم استدرك في قوله، أن هناك إيجازا ثالثا يكمل النوعين سابقي الذكر "هو الإيجاز باللمحة أو الومضة أو الشذرة، أو ما يمكن أن نطلق عليه الإيجاز الغرائبي، الذي يعني ارتحال الصورة من معناها اللساني المتداول إلى المعنى اللا متوقع، كما تنتقل الألفاظ من معناها اللغوي المرجعي إلى معناها الكلامي التداولي".
وأوضح د. كاصد أن "الإيجاز الغرائبي" يتعلق بالتصوير والمعاني، ما يمنح المتلقي رؤى تخيلية أبعد من تخيل الفكر.
ثم استشهد ببعض قصائد الومضة للشاعر أدونيس، كشف فيها عن تحول النص من معناه الواقعي العادي اليومي، إلى ما هو غرائبي، مثل "لثلاث ليال والسماء تمطر.. حتى كاد وجه البحر أن يتبلل".
هذا وتخللت المحاضرة مداخلات قدمها عدد من الأدباء الحاضرين، وعقب عليها د. سلمان كاصد بإسهاب.