صلاح العمران
ضيّفت "رابطة مصطفى جمال الدين" الأدبية في محافظة البصرة، أخيرا، الكاتب ياسر جاسم، الذي تحدث عن "أدب القرامطة" بحضور جمع من الأدباء والمثقفين والإعلاميين والمهتمين في الشأن الأدبي.

أدار الجلسة التي احتضنتها قاعة الرابطة وسط مدينة البصرة، الأديب محمد صالح عبد الرضا، مستهلا حديثه بتقديم سيرة الضيف، الذي أصدر 18 كتابا ولديه نحو 25 مخطوطا في انتظار الطباعة.
وقدم عبد الرضا في معرض تعريفه بموضوعة الجلسة، نبذة عن الحركات الاجتماعية والسياسية التي ظهرت خلال القرون الماضية في المنطقة، وأثرها على المشهد الثقافي – الأدبي، مبينا أن الدراسة التي يقدمها الكاتب ياسر جاسم حول أدب القرامطة، تعد الأولى من نوعها خلال الفترة الراهنة.
من جانبه تحدث جاسم عن حركة القرامطة، التي ظهرت خلال القرن التاسع الميلادي (الرابع الهجري)، مبينا أنها من الحركات الاجتماعية التي كانت تنتصر للفقير وتساعد المظلوم، خاصة الفلاح الذي لا يمتلك أرضا، والذي حررته من ظاهرة بيعه مع الأرض التي يعمل فيها "إذ كان الفلاح يباع مع الأرض، وهذا ما أطلق عليه الفيلسوف كارل ماركس بـ "العبد المعمم" خلال مراسلاته مع صديقه فريدريك إنجلز".
واشار الضيف إلى أن القرامطة ينتسبون إلى حمدان بن الأشعث الأهوازي الملقب بـ "القرمط"، والذي ظهرت حركته في سواد الكوفة حوالي عام 258 للهجرة، مبينا أن حمدان عرف بالزهد والتقشف، الأمر الذي دعا بعض الناس إلى التقرب منه والميل إليه.
وأوضح أن حركة القرامطة تعتبر من الحركات الباطنية، وهي منحدرة من الدعوة الإسماعيلية التي افترقت عنها بسبب موضوع الزعامة، مضيفا أن لكل فترة أو حركة مثقفيها وأدباءها. وللقرامطة شعراء عديدون، أمثال الحسن الأعصم، الذي يعد أحد أمراء البحرين، والذي تناول في أشعاره عقائد القرامطة وحروبهم.
وذكر جاسم من بين شعراء القرامطة صاحب الخال الحسين بن زكرويه، الذي جسد في أشعاره حروب قومه مع العباسيين والطولونيين في سوريا. كما ذكر أخوان الصفا ورسائلهم التي اعتبرت من أساسيات تراث القرامطة في البصرة.
وتطرق إلى الشاعر القرمطي الخبز أرزي الذي ظهر في البصرة، وكان قد هجا واليها البريدي، حتى اضطر إلى الخروج منها والعيش في "هجر" عاصمة القرامطة. كما ألقى الضوء على الشاعر والمتصوف الحلاج، الذي أعدم في بغداد بتهمة الانتماء إلى القرامطة، ومثل بجثته أمام الناس.
ولفت جاسم إلى أن المتبحر في أدب وشعر القرامطة، يمكن أن يلاحظ الزهد ودقة التنظيم. فيما رأى أن هذه الحركة تمثل البذور الأولى للاشتراكية، حيث الدعوة إلى العدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق الفقراء والفلاحين، مشيرا إلى أن الفيلسوف الفارسي ناصر خسرو، ذكر القرامطة في كتابه الموسوم "سفر نامه"، وقال انه، ونظرا لدور القرامطة، لم يجد فقيرا في البحرين التي زارها عام 444 للهجرة "وهذا يؤكد العدالة الاجتماعية لدى القرامطة".
وأضاف قائلا أن القرامطة سكوا النقود من الرصاص، حفاظا عليها من التهريب خارج ولايتهم، وفرضوا الضرائب على أصحاب رؤوس الأموال، مبينا أن حكمهم دام نحو ثلاثة قرون.
وشهدت الجلسة مداخلات حول موضوعها، ساهم فيها عدد من الأدباء الحاضرين.
وفي الختام قدمت إلى الكاتب ياسر جاسم، شهادة تقدير باسم الرابطة.

عرض مقالات: