طريق الشعب

كشف اقارب لمعتقلين عراقيين، وحقوقيون، أن تنظيم داعش بدأ في نشر أفكاره المتطرفة داخل السجون التي تؤوي عناصره في العراق.

وبحسب شهادات من ذوي المعتقلين في سجن الحوت الواقع في مدينة الناصرية جنوبي العراق، وسجن التاجي القريب من بغداد، فإن عناصر تنظيم داعش المعتقلين في السجون العراقية أخذوا ينشرون أفكارهم المتطرفة بين السجناء، وتأثر بعض المعتقلين بهم بالفعل.

وأعلنت الحكومة العراقية انتصارها على داعش، في كانون الأول عام 2017، بعد ثلاث سنوات على الحرب الشرسة التي قُتل فيها عشرات الآلاف وشرد مئات الآلاف، وتحولت مدن وأحياء بأكملها إلى أنقاض.

حلقات جماعية

وفي تصريحات نشرته وسائل اعلام، واطلعت عليه "طريق الشعب"، يقول حسن السامرائي، وهو شقيق أحد المعتقلين في سجن التاجي، ان شقيقه اشتكى في آخر مقابلة له من اكتظاظ السجن بالنزلاء وسوء الخدمات المقدمة لهم.

وأضاف إن “إدارة السجن لم تفصل نزلاء السجن من تنظيم داعش والمتهمين بقضايا إرهاب عن نزلاء السجن الآخرين”، مؤكدا أن “بعض عناصر تنظيم داعش بدأوا ينشرون أفكارهم بين السجناء بشكل فردي، ثم تطور الأمر إلى حلقات جماعية”.

الأفكار المتطرفة

بدوره، يقول عادل المرسومي، إن نجله الذي أطلق سراحه من سجن الحوت قبل 5 اشهر، “لم يكن يصلي ولم يعرف سوى القليل عن الإسلام قبل دخوله السجن، لكنه اليوم أصبح لا ينفك عن قراءة الكتب الدينية التي تحث على الجهاد”.

وأضاف أن “تعلقه بالصلاة وتلاوة القرآن وقراءة الكتب الدينية أفرحه كثيراً؛ لكنه في الوقت ذاته يخشى من أن تكون بداية للتطرف ونشر الأفكار المتطرفة”.

وأضاف أن “كل ذلك بسبب ما تلقاه من محاضرات من أشخاص داخل السجن”، منوهاً الى أن “ابنه الآن يتمنى لو أنه يستطيع التواصل معهم من شدة تعلقه بهم”.

وكانت وكالة “أسوشييتد برس” قد كشفت، في وقت سابق، وفقاً لتحليل أجرته، عن وجود ما لا يقل عن 19 ألف شخص في السجون العراقية بتهم تتعلق بتنظيم داعش أو غيرها من الجرائم ذات الصلة بالإرهاب، وحُكم على أكثر من ثلاثة آلاف متهم منهم بالإعدام.

مدارس للمتمردين

ويقول قال الناشط ماجد العلواني، إن “السجون بدل أن تكون أماكن لإصلاح الشخص المسيء والمذنب أصبحت مدارس لتخريج المتمردين على السلطات؛ بسبب التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء من قبل إدارة السجون”.

وأضاف أن “الأوضاع داخل السجون العراقية بعد انسحاب القوات الأميركية ليست أفضل حالاً من الأعوام التي سبقتها بعد أن كانت مراكز لنشر الأفكار المتطرفة برعاية القوات الأميركية”، داعياً وزارة العدل إلى “فصل المعتقلين من عناصر تنظيم داعش والمتعاونين معهم عن المعتقلين الآخرين؛ لمنع انتشار الأفكار المتطرفة بين نزلاء السجون”.

انتشار الأمراض

وتابع العلواني أن “جميع السجناء في العراق دون استثناء يعانون من سوء المعاملة وابتزاز ذويهم أثناء زيارتهم، وخصوصاً النساء اللاتي يأتين لزيارة أزواجهن أو أولادهن، فضلاً عن سوء التغذية والخدمات المقدمة لهم، واكتظاظ السجون بالنزلاء، وانتشار الأمراض المعدية”. وأشار إلى أن “السجون العراقية شهدت في الآونة الأخيرة وفاة العشرات من المعتقلين، وخصوصاً في سجني التاجي والناصرية؛ نتيجة لانتشار الأمراض والأوبئة وسوء التغذية، لكن السلطات والجهات المعنية تتحفظ على نشر عدد الوفيات والأسباب التي أدت إلى وفاتهم”.

"أكاديميات إرهابية"

من جانبه، يقول المحلل في الشؤون الإستراتيجية فاضل أبو رغيف، إن "عددا كبيرا من الذين ألقي القبض عليهم في العراق وسوريا خلال العمليات العسكرية هم شرعيون ومنظرون ومفتون، وهؤلاء يملكون قدرة المحاججة وإيراد الأدلة وغسل الدماغ والإقناع".

كذلك يقول الخبير الأمني هشام الهاشمي، إن "الاكتظاظ داخل السجون قد يصعب من عملية العزل بحسب الجرم مما يزيد خطر التجنيد".

ويلفت إلى أن "الزنازين تصبح بمثابة أكاديميات، إذا وُجد فيها شخص ملوث واحد بأفكار التطرف يمكن أن يجنّد الجميع"، موضحا ان "أكثر الذين يتم استقطابهم ممن لا يملكون معرفة واسعة في شؤون الدين، ويغرقون بالكلام البياني للتنظيم واللعب على وتر الطائفية".

تحقيق عاجل

من جانبه طالب النائب رعد الدهلكي، القائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي، بفتح تحقيق عاجل تجاه ما يتعرض له السجناء في سجن التاجي، كما دعا إلى تشكيل وفد لزيارة المعتقلات للاطلاع على حال المعتقلين.

وقال الدهلكي في بيان، اطلعت عليه "طريق الشعب"، إن “ما يتعرض له السجناء في سجن التاجي يُعبّر عن استمرارية النهج الانتقامي والسلوك اللا إنساني من قبل بعض الأفراد المتسلطين على حماية السجناء، وعليه ندعو الحكومة ولجنة الأمن والدفاع إلى التدخل في هذه القضية ووقف تلك الإجراءات التعسفية التي تمارَس اليوم بحق المعتقلين”. وأشار إلى أنه “من الواجب التنفيذي والرقابي أن يكون هنالك دور لهيئة ولجنتي الأمن وحقوق الإنسان والأمن والدفاع النيابية تجاه هذا الملف الخطير للوقوف على مجريات ما يحدث من خروقات تجاه السجناء”.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان، أعلنت في وقت سابق، عن منع وزارة العدل فرقها من الدخول إلى السجون ومعرفة ما يحدث من انتهاكات وأسبابها.

فاضل الغراوي، وهو عضو في المفوضية، اتهم وزارة العدل بـ"إخفاء الانتهاكات التي تحصل في السجون ومراكز الاحتجاز". وفي بيانٍ صدر قبل أيام، أشار الغراوي إلى أنّ "المفوضية تلقت العديد من الشكاوى والمناشدات الإنسانية من ذوي النزلاء حول انتهاكات لحقوق الإنسان بحقهم في سجن التاجي المركزي (بغداد) كانت أبرز دوافع زيارة فريق الرصد إليه".

يذكر ان وزارة العدل وكذلك وزارة الداخلية تنفيان باستمرار وجود انتهاكات وممارسات تعذيب داخل السجون التابعة لهما.