نبيل عبد الأمير الربيعي
ضيّف اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة بابل، أخيرا، المهندس د. نصير علي الحسيني، الذي قدم محاضرة بعنوان "الباب في العمارة"، تناول فيها بوابات مدينة بابل الأثرية، من حيث أعدادها وأسباب تشييدها ورموزها.
المحاضرة التي استمع إليها حشد من الأدباء والمثقفين والمهتمين في الشأنين التاريخي والعماري، تطرق فيها الضيف إلى كتابه الموسوم "بوابات بابل"، الذي يتضمن دراسة بهذا الشأن، متناولا ما تعرضت له آثار بابل وبواباتها الثماني من دمار نتيجة الظواهر الطبيعية التي شهدتها المدينة، مثل فيضان نهر الفرات، وارتفاع نسب الترسبات الطينية التي طمرت الكثير من الآثار, فضلاً عن الأسباب البشرية، المتمثلة في إهمال الحكومات المتعاقبة قطاع الآثار، في ظل الاوضاع السياسية المعقدة والاحتلالات المتكررة والطويلة, وأعمال التخريب التي نفذها الغزاة، وعمليات نبش الآثار وسرقة القطع الأثرية.
وذكر الحسيني ان البوابات في حضارة بابل كانت تمثل انعكاسا لبوابة المعبد "فالاهتمام والاعتناء بالباب بدأ منذ ظهور الانسان, حيث شكل الباب نوعاً من الأمان والحيطة والحذر والحماية، وغير ذلك من طقوس الباب".
ثم تحدث عن طقوس الباب، وعن العلاقة بين المعبد والقصر والناس، وألقى الضوء على انواع بوابات بابل الثماني واتجاهاتها, وهي: "بوابة أوراش", "بوابة زبابا", "بوابة مردوخ", "بوابة عشتار", "بوابة آنليل", "بوابة أوسين", "بوابة أدد" و"بوابة الشمس".
وعرج المحاضر على الأبراج المتعددة الموجودة في أسوار بابل، مشيرا إلى انها عبارة عن دعامات للأبواب والأسوار, كانت قد زينت بتماثيل وحيوانات تمثل الإله الحامي.
وتابع قائلا ان بعض البوابات كانت ترابط على جانبيها تماثيل أسود مصنوعة من حجر اللازورد، ودعامات مزينة بأشكال مختلفة من الرسوم, مشيرا إلى ان هناك اعتقادا سائدا حتى اليوم، قوامه أن تلك المجسمات تطرد الأرواح الشريرة.
وبيّن الحسيني ان تجاويف دعامات بوابات حضارة بابل، كانت قد استخدمت كغرف للحرس، وأن ألوان البوابات كانت مختلفة "إذ كان يجري الاعتماد على ألوان ترمز إلى طبقات الكواكب. فلون بوابة الإله مردوخ كان برتقاليا، وبوابة القمر كان لونها فضيا، فيما كان لون بوابة الشمس ذهبيا، وبوابة آنليل كانت بلون السحاب, وبوابة أوراش لونت باللون الترابي".
وتطرق المحاضر إلى نوع الخشب المستخدم في صناعة بوابات بابل، مشيرا إلى انه كان من النوع المتين، خاصة خشب أشجار الأرز الذي يتمتع بخصائص لا يتمتع بها غيره من أنواع الخشب "فكلما زادت رطوبة هذا الخشب ازدادت صلابته".
كما أوضح ان تلك البوابات كانت تطعم بالبرونز والنحاس، حتى بالذهب, ما أدى إلى سرقتها واختفائها، معتقدا ان بابل كانت تضم بوابات أخرى غير بوابات المركز الثماني، مستندا في رأيه هذا إلى عدم اكتمال قراءة الرقم الطينية المكتشفة، فضلا عن وجود رقم غير مقروءة لحد الآن، موجودة في متاحف العالم، لعلها تذكر شيئا عن تلك البوابات.
وتخللت المحاضرة مداخلات قدمها العديد من الحاضرين، وعقب عليها د. نصير علي الحسيني بصورة ضافية.