تضامن عبد المحسن

ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، د. شذى عباس العامري، التي قدمت محاضرة بعنوان "الحفاظ على عمارة الحداثة في العراق"، بحضور جمع من المثقفين والناشطين والإعلاميين والمهتمين في شؤون العمارة.

المحاضرة التي احتضنتها "قاعة نازك الملائكة" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، أدارها الاعلامي عامر عبود الشيخ علي، واستهلها بالقول ان "عمارة الحداثة تمثل جزءا مهماً من تاريخ العراق الحديث، وانها أثرت على طابعه المعماري بشكل ملحوظ للخروج عن النمط العمراني التقليدي. كما انها تمثل ظاهرة حضارية ميزت مدينة بغداد، واضافت بصمة عمرانية على النسيج الحضري".

د. شذى العامري، وفي معرض محاضرتها، تحدثت عن الشواخص العمرانية في العراق، مشيرة إلى انها تعاني اليوم اهمالا شديدا، سواءً كانت تراثية أم حديثة.

ثم تناولت مفهوم العمارة الحديثة، الذي يقصد به ما بني وصمم بأسلوب حديث من قبل معماريين حداثيين، مبينة ان "العمارة الحداثوية، والمتمثلة في الابنية التي بنيت في مقتبل القرن العشرين، غير محسوبة على الارث الثقافي المعماري! طالما ان قوانين الآثار والتراث تعتبر الأبنية التراثية هي التي تمتد الى الفترة العثمانية تحديدا. وما بني بعد تلك الفترة يعتبر حديثا حتى لو مر عليه اكثر من خمسين عاما".

ولفتت إلى ان الأبنية التراثية باتت تعاني الإهمال، وتتعرض للإزالة على الرغم مما تحمله من أهمية تاريخية.

وأوضحت د. العامري انها تهدف من محاضرتها إلى هدفين، الاول ثقافي للتعريف بالابنية التراثية في بغداد والمحافظات، واهميتها واسماء مصمميها، والى اي فكر تنتمي والى اي تاريخ تعود. والهدف الآخر هو توجيه نداء الى الجهات المختصة والمسؤولة، يبيّن ان العمارة التي انجزت في العراق مطلع القرن العشرين حتى الفترة الراهنة، تمثل ارثا وطنيا وهوية للبلد "وعلينا الحفاظ عليها وإدخالها ضمن السجل الوطني للموروث".

وعرّفت المحاضرة بالمعماريين العراقيين الرواد، وقسمتهم بحسب الحقب الزمنية، الى معماريي الرعيل الاول، وفي مقدمتهم احمد مختار ابراهيم، عبد الله احسان كامل، مدحت علي مظلوم، جعفر علاوي، مشيرة إلى ان هؤلاء، سبقهم في العمارة المهندسون الانكليز ولسون وميسون وكوبر، الذين احتلوا مناصب معماريي الدولة، بحسب ما جاء به "مجلس اعمار الدولة"، ومضيفة القول "لذلك يعتبر المهندس احمد مختار ابراهيم اول معماري عراقي جاء من ليفربول وتسلم منصب معماري الدولة عام 1935".

ثم تطرقت إلى أعمال المهندس إبراهيم، وأولها "النادي الاولمبي" في الاعظمية الذي يعد اول بناء حداثوي في العراق، مشيرة إلى انه لا يمكن اعتبار هذا المبنى نمطيا من حيث العمارة.

كذلك تناولت د. العامري المعماريين الذين جاءوا بعد الرعيل الاول، وهم كل من محمد مكية، نعمان منيب، حازم نامق وسامي بيردار، ملقية الضوء على تصاميمهم المعمارية التي تعرض اغلبها الى الاهمال والتشويه والاضافات والتغليف.

وأشارت الى بيوت بعض المهندسين الرواد، التي تم التجاوز عليها بعد بيعها من مالكها او مصادرتها، داعية هيئة السياحة والآثار إلى اقتنائها لغرض تسجيلها في سجل الحفاظ على التراث الوطني، كونها مصممة بطرق حداثوية، او تحويلها الى متاحف وعدم السماح لأصحابها الحاليين بإجراء اي تغييرات على ملامحها الاولى.

وتطرقت المحاضرة الى التغليف العشوائي الذي صار يشوه الابنية الحديثة، بسبب سوء اختيار الالوان ونوع المادة المستخدمة في التغليف، والتي لا تتلاءم مع البيئة العراقية، ما يؤدي الى تساقطها.

وفي ختام المحاضرة قدمت شهادة تقدير باسم التجمع إلى د. شذى عباس العامري.

عرض مقالات: