انتصار الميالي
ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتاب، أخيراً، رئيس النقابة الوطنية للصحفيين ياسر السالم للحديث عن (تخصيصات الثقافة في موازنة ٢٠١٩)، في جلسة حوارية انعقدت بقاعة الجواهري في مبنى الاتحاد ببغداد.
وابتدأت الجلسة بكلمة ترحيبية من قبل مديرها الدكتور جواد الزيدي، الذي تطرق إلى إشكالية الاهمال الحكومي المتعمد للجانب الثقافي. بعدها قرأ الناقد فاضل ثامر بيان الاتحاد بخصوص تخصيصات وزارة الثقافة في موازنة الدولة لعام 2019. وكانت "طريق الشعب" قد نشرت مقتطفات من هذا البيان في عدد سابق.
وتحدث ياسر السالم عن إشكالية تخصيصات وزارة الثقافة، مؤكداً أن التخصيصات المالية لهذا القطاع تتراجع سنة بعد أخرى، حتى وصلت إلى أقل من 0.5 في المئة من اجمالي الموازنة هذه السنة (2019)، بالرغم من أن وزارة السياحة والآثار قد أدمجت مع وزارة الثقافة، مشيراً إلى ان قلة التخصيصات تعكس تراجع الاهتمام الحكومي بهذا القطاع الحيوي ذي الابعاد الإنسانية والابداعية والتنموية.
وأشار إلى تأثير محدودية الميزانية على معالجة المشاكل التي يعانيها القطاع الثقافي ومن ضمنها دعم المشاريع الثقافية وتهيئة المنشآت الثقافية.
وتناول السالم الموضوعة في ثلاثة محاور، الأول هو محور قطاع الثقافة في مشروع الإصلاح، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق اصلاح سياسي واقتصادي ومجتمعي من دون نهضة ثقافية تجعل من الشعب مشاركاً اساسياً في هذا المشروع، لا مجرد متلقي لإجراءات حكومية أو مؤسساتية.
وفي المحور الثاني شدد على أهمية الثقافة في المجتمعات التي تعاني من تداعيات الحروب، قائلاً: إن العراق خرج لتوه من معركة شرسة مع الإرهاب، تضرر منها المجتمع بأكمله، وليس فقط سكنة المناطق التي استباحها الدواعش.
وأضاف: إن الحرب مع الإرهاب، أدت الى خسائر فادحة، حيث تعرض التراث الثقافي في مناطق القتال للتدمير الجزئي أو الكلي، ونهبت آلاف القطع الأثرية، ودمرت المنشآت والمكتبات، مشيراً إلى ان تنظيم داعش لجأ إلى تدمير منارة الحدباء في مدينة الموصل حينما أوشك على خسارة المعركة، من أجل تحطيم معنويات العراقيين العالية.
وشدد على ضرورة عدم تأخر إعمار المنشآت الثقافية والتراثية وغيرها، "هذه مهمة لا ينبغي تأجيلها، نظراً لما يلعبه العامل الثقافي من دور في البناء الاجتماعي وتعزيز الشعور بالهوية الوطنية وتحقيق المصالحة المجتمعية".
وأوضح: ان المعركة انتقلت من مجال المواجهة العسكرية المباشرة مع الإرهاب، إلى المواجهة السياسية والفكرية والثقافية، فالأولى أن يحظى قطاع الثقافة باهتمام استثنائي في هذه المرحلة، لا أن يجري التعامل معه كقطاع هامشي، كما توضح التخصيصات المرصودة في موازنة الدولة للقطاع الثقافي.
وتناول السالم في المحور الثالث من مداخلته وزارة الثقافة ومشاريعها، قائلاً: إذا كنا نطالب بزيادة تخصيصات وزارة الثقافة، فقبل ذلك علينا أن نسأل وزارة الثقافة، ما هي خططكم ومشاريعكم، وما إذا كانت هذه الخطط والمشاريع ذات جدوى.
وأضاف: لا يمكن لأي مثقف أن يغض الطرف عن الفساد في وزارة الثقافة، فهذه الوزارة ليست استثناءً من بقية مؤسسات الدولة التي تعاني من استشراء الفساد، طارحاً تساؤلا أخر مفاده: ما هي خطط الوزارة لضمان ألا تذهب هذه التخصيصات إلى جيوب الفاسدين؟
وأشار إلى أن المهتمين بالشأن الثقافي يستبشرون خيراً بتسنم الأستاذ عبد الأمير الحمداني مسؤولية الوزارة، وهو مدعو إلى العمل حثيثاً لاستعادة ثقة المثقف العراقي بالوزارة، الأمر الذي يرفع القطاع الثقافي إلى مركز اهتمام الدولة والمجتمع.
واقترح السالم في حديثه اشراك القطاع الخاص في تنمية الواقع الثقافي العراقي، اسوة بالدولة المتقدمة في هذا المجال. فهناك قوانين شرعها عدد من الدول تفرض على مطوري العقارات أو المباني السكنية والمستثمرين حيازة أعمال فنية قيمتها (1) في المئة من تكاليف المشروع.
هذا وتخللت الجلسة مداخلات واسئلة قدمها المشاركون، وتضمنت توصيات ومقترحات أكدت أهمية دعم وتطوير الوضع الثقافي في العراق.
وفي ختام الجلسة تم تكريم الضيف والناشط ياسر السالم بلوح الجواهري الذي سلمه اليه الأستاذ فاضل ثامر مع منحه شهادة تقديرية من قبل الاتحاد.

عرض مقالات: