ها هو نجم آخر من نجوم الفن في العراق يهوى، فيترك لوعة في القلب حارقة، اثر غيابه السرمدي في مغترب بعيد عن الاهل والوطن، تاركا إرثا فنيا موسيقيا - غنائيا مهما للأجيال الفنية اللاحقة.

 فقد لحن الراحل عبد الحسين السماوي لعدد كبير من المطربين ومن أجيال مختلفة: سعدي الحلي وياس خضر وفاضل عواد وكمال محمد...، فغنوا: سلامات، معاتبين، ضوه خدك، تناشدني عليك الناس، ردتك تمر طيف، بالإضافة إلى عشرات الألحان والأغاني التي تجاوز عددها مائتين.

ترك الراحل العراق، حين شعر بأن إشكالات اقتصادية وسياسية بدأت تلتف حول ريشته، فلم يعد بالنسبة له معنىً للحن إذا لم يخرج من القلب، ويقتنع به العقل. ولم يجد في تلك الظروف قبل عشرين عاما، إلا أن يترك منبع ألحانه مضطرا وليس مختارا!

القمع والحصار اللئيم حاولا تدجين المواطن في السنوات الأخيرة من عمر النظام السابق، مما اضطر  عدداً كبيراً من المبدعين، ومنهم الفنان عبد الحسين السماوي، الى السفر وترك الوطن. واتخذ السماوي من قارة هي الأبعد عن العراق مستقرا له. وبالرغم من هذا البعد بقيت خيوط قلبه وانياط عوده مشدودة الى نخيل السماوة وضفاف دجلة ، وهذا ما صرح به الراحل السماوي قبل وفاته.

نسياننا السماوي يذكرنا بالفنانين والأدباء والمبدعين، الذين كانوا يملأون السمع والبصر والأحاسيس في الوطن، وسرعان ما تم نسيانهم، بعد أن حجبت نشاطاتهم سنوات الغربة. فمن يتذكر روميو يوسف؟ ومنذر حلمي؟ وخليل شوقي وأبناءه مي وروناك وفارس؟ والفنانة زينب ولطيف صالح؟ وكمال السيد ( ملحن اغنية " المكير" )؟ وماهر جيجان؟ ومفيد الناصح ( ملحن " يلجمالك سومري"  )؟ وعشرات غيرهم من المبدعين.

خيرا فعلت نقابة الفنانين العراقيين، يوم أمس، حين اقامت تشييعاً رمزياً للفنان عبد الحسين السماوي، وذلك واجبها على كل حال. على عكس المؤسسات الرسمية التي لا تنتبه كما يلزم لأبناء وادي الرافدين من فنانين وأدباء ومثقفين.

 ونتمنى من الحكومة المقبلة ان تتدارك هذا التجاهل السابق لمن حملوا الوطن بين جوانحهم، فالدولة التي لا تحترم مبدعيها لا خير فيها!

عرض مقالات: