قبل تسنمهم مهامهم الرسمية، أدى السادة نواب الدورة الحالية المنتهية ولايتها عمليا، القسم الدستوري الذي نص على " أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان أحافظ على استقلال العراق وسيادته.. الخ".
وإذا كان ممكنا، رغم قسوته، تجرع المرء مرارة قيام غالبية هؤلاء النواب بالحنث بالقسم في تنفيذ مهامهم بتفان وإخلاص، وهو أمر كثرت الأمثلة عليه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، عدم إفصاح 234 نائباً (بنسبة 72في المائة) عن ذممهم الماليَّة وفق تقرير هيأة النزاهة في السابع من هذا الشهر أي حتى عشية يوم اجراء الانتخابات القادمة، فان علقم الإستهانة باستقلال العراق وسيادته عسيرة على البلع.
ففي الوقت الذي ترفع الدولة فيه شعار التقشف، يبذخ المتنافسون على المقاعد النيابية من الكتل المتنفذة وفروعها أحزابا وافرادا، بلا حساب ودون وجع قلب، ويصرفون على دعاياتهم الترويجية بسخاء بما ملكت جيوبهم، وأيضا بما لا يملكون من أموال أغدقها عليهم حلفاؤهم من الدول المجاورة والإقليمية! ولما لم تثبت السنوات الماضية حرص هؤلاء على البلاد والعباد، فإن من المنطقي أن يكون دافعهم في كل هذا التهالك على الفوز بمقعد في مجلس النواب مواصلة الفساد والنهب، الذي سيضمن إستعادة ما تم صرفه في هذه الحملات باهظة التكاليف، لاسيما وإن لدى هؤلاء قناعة راسخة ومن خبرتهم في الدورات السابقة، بإنهم سيفلتون من المحاسبة كما أفلتوا في كل الدورات السابقة وعندها سينعمون بفردوس دولة الفرهود.
وإذا سلمنا بأن يوم حساب الفاسدين وسراق المال العام لابد آت، فإن ثمن رد فضل "دعم الجيران والأشقاء" هو فاحش الغلاء ليس بقيمته المادية، بل بما يترجم عند تحقيق اجندات هؤلاء الجيران والأشقاء في بلدنا الذي ابتلي بالتدخل الفظ بأدق شؤونه الداخلية. وإذا كان من المعلوم أن جميع هؤلاء الجيران والأشقاء و "الأصدقاء" يسعون الى تحقيق مصالحهم الخاصة البعيدة كل البعد عن مصالح شعبنا بل وبالضد منها، فأن اللوم بل والمحاسبة واجبة مع هذه القوى التي تتاجر بالوطنية وهي تحيل البلد مرتعا لهذه التدخلات وتسهل تمريرها ليقرر الأجانب حتى شكل نظام الحكم القادم ومن سيحكم العراق، في تواطؤ مقيت يصل حد مرتبة الخيانة الوطنية.
ألا يكفي دروسا وعبرا ما حل بالبلد وعلى مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، بعدما ارتهن مذهبيا وقوميا بيد هؤلاء الجيران الذين حولوه الى ساحة نهب وحروب بالوكالة ثمنها أرواح الشباب وسبي النساء ونزوح مئات آلاف العوائل من مناطق سكناهم، وبالتالي هل سيستغفل المواطن مرة اخرى ويمنح صوته لمن لا غيرة لديه على وطنه.؟