يتفاقم الجدل بين الاقتصاديين بشكل عام وفي الاوساط الاكاديمية بشكل خاص  حول السياسات الانجع والنظريات الاقرب الى التطبيق في البلدان النامية من اجل تنشيط عملية التنمية والتعجيل بالتطور الاقتصادي لمغادرة مظاهر التخلف والركود في البلدان النامية والعراق واحد منها.

  فالملكية الخاصة هي المقولة الحقوقية لجوهر الرأسمالية والعولمة الرأسمالية التي تجد تعبيراتها في الاندماج المتسارع لرأسمال  المالي والانتاج والاسواق العالمية التي تتجسد فيها قوانين التراكم والتركز والتمركز وقانون تحقيق اقصى الارباح المتحققة موضوعيا عبر الاستغلال المكثف لقوى الانتاج من العمال والفلاحين وحتى المثقفين في عالمنا الراهن، وانطلاقا من هذه المقولة حاول الحاكم الاداري( بريمر) ان ينقل الينا بعد الاحتلال في عام 2003 نسخة مسلفنة من بعض التطبيقات العالمية التي لم تثبت نجاحها، فاصدر القرار رقم 10الذي سمح بموجبه للاستثمار الاجنبي التمتع بمكارم سخية تمنحها الدولة، واصدر ايضا القرار رقم 37 الذي خفض بموجبه الضرائب على الاستثمارات الاجنبية من 40 الى 15 في المائة، والقرار رقم 29 الذي سمح بموجبه للاستثمارات الاجنبية بان تمتلك 10 في المائة من الاصول العراقية خارج قطاع النفط بل وسمح للمستثمر الاجنبي بتحويل 100 في المائة  من ارباحه الى خارج العراق وخفض الرسوم الكمركية الى 5 في المائة  وتحويل 192 من شركات القطاع العام الى الخصخصة فلم يتحقق من كل هذه القرارات سوى الدمار البنيوي للاقتصاد العراقي وانتشار ظاهرة الفساد وتشكل فئات  طفيلية نهابة  واُخرى  بيروقراطية فاسدة وثالثة  كمبرودارية  صاعدة.

فالتطبيقات العالمية للخصخصة، وهو الاسلوب الذي يختلف مفاهيميا عن القطاع الخاص،  شكلت مغامرة سريعة من قبل البلدان النامية تتطلب قبل الحديث عنها دراسة التجربة بامعان ومعرفة الجدوى من هذا الاسلوب خاصة وان معظم التجارب اظهرت ان الخصخصة لم تحقق نتائج ايجابية وهي كمحور لاعادة الهيكلة لم تحقق سوى المديونية الخارجية التي  تضاعفت وتراجع معدلات النمو وازدياد  التفاوت في توزيع الثروة والدخل  بشكل مريع بالاضافة الى التوترات المجتمعية .وبالرغم من ذلك تفتخر المؤسسات المالية الدولية بان العالم شهد خلال العقدين الماضيين خصخصة ما يزيد على خمسة عشر الف من المشروعات والمؤسسات المملوكة لقطاع الدولة في عدد من البلدان التي يتعامل معها صندوق النقد الدولي.

اننا نعتقد ان السياسة العقلانية اللازمة للخروج من الازمة الاقتصادية الناتجة عن الاخذ بمسلمات نظرية لم تزكها التجربة العالمية، تنطلق قبل كل شيء من الاخذ بمقولة اصلاح القطاع العام وليس تصفيته كما تريد بعض الجماعات المحلية والقوى العالمية مما تتطلب تعظيم الوعي الجمعي من العمال والفلاحين والمثقفين والشرائح المنتفعة لتكون كتلة جماهيرية قوامها  يتكون من عمال القطاع العام والمثقفين  والمتدينين المتنورين كقوة لا يستهان بها في مشروع بناء الدولة ونهج عملية التنمية المستدامة التي تحقق موضوعيا رفع المستوى المعيشي لعموم كادحي العراق.

ان اية عملية اصلاح للاقتصاد العراقي تبدأ  قبل كل شيء  بتفكيك المنظومة المفاهيمية بين الخصخصة والقطاع الخاص  على النحو الذي يحقق  التكامل مع القطاع العام والتوجه  الحثيث نحو بناء اقتصاد السوق الاجتماعي اسوة بالعديد من الدول الاوربية والاسيوية مع الاخذ بنظر الاعتبار   المنطلقات التالية :

  • وضع الخطط الواضحة لإعادة تأهيل المشاريع والمصانع المتضررة ذات الابعاد الاستراتيجية من اجل عدم تعريض الدولة الى الخسائر نتيجة لتقييم هذا المشاريع بطريقة غير علمية وحيادية .
  • الابقاء على الصناعات ذات النفع العام والتي تساهم في عملية اعادة الاعمار لاحقا مثل معامل الاسمنت ومشاريع انتاج الطاقة الكهربائية والصناعات الكهربائية والانشائية وصناعة المواد الصحية وصناعة الاسمدة .
  • توحيد العديد من المشاريع، الصناعية ذات الانماط الصناعية المتخلفة والقيم الواطئة خاصة الصناعات الاستهلاكية وخصخصة المشاريع البسيطة.
  • الابقاء على مشاريع الصناعة الاستخراجية بكل اصنافها مثل الفوسفات والكبريت وصناعة المنتجات النفطية.
عرض مقالات: