لا يمكن ان نطبق على تفجير بيروت القول العربي الشائع “ رٌبَّ ضارة نافعة”، لان الضرر الذي حصل كان كبيرا جدا وازهق ارواحا بريئة وخرب ممتلكات خاصة وعامة تقدر بمليارات الدولارات في بلد عانى من الحروب والفساد لسنوات طويلة.

ويمتلك لبنان قواسم مشتركة غريبة مع العراق، فكلاهما يمتلك عناصر زاخرة بالابداع والجمال والتنوع، ولكن كليهما يمتلك ايضاً فصائل مسلحة كدست “ذخيرتها” وسط المدن المزدحمة بالسكان حتى اضحت تلك الاكداس قنبلة موقوتة ممكن لها ان تنفجر في اية لحظة عمدا او سهوا!

واصبح لهذه القوى تأثير واضح على القرار السياسي وادت الى تراجع هيبة الدولة بشكل ملحوظ. وفي ظل هذه العناصر المشتركة ظهرت افة المحاصصة التي ركنت “ المواطنة “ جانبا ليحل محلها التخندق الديني والطائفي والعرقي، والطامة الكبرى ان القوى السياسية المتنفذة هي المسؤولة بالدرجة الاولى عن هذا التخندق وهي التي “ تغذيه “ بين فترة واخرى لتخلق سلسلة من الازمات لا تنتهي الا بنهاية هذه القوى السياسية الفاسدة!

وفي البلدين انعدمت “العدالة الاجتماعية” التي يمكن لها ان تحقق مستوىً معاشياً مرموقاً للمواطن وتضمن له كرامته وامنه الغذائي.

لقد ساهم انفجار بيروت المأساوي بدفع المواطن اللبناني، وفي مختلف المواقع، الى اعادة قراءة واقعه السياسي والاقتصادي والحياتي المرير، مما حدا به الى الخروج مجددا، بالرغم من مخاطر تفشي وباء كورونا، في تظاهرات لم تنطفئ جذوتها حتى اليوم من اجل احداث التغيير المطلوب، رافضا بشكل قطعي اعتبار الوطن” كعكة” يجب تقسيمها بين مكوناته!

ومن جهة اخرى، وفي عودة سريعة للعراق نلاحظ ان انفجار بيروت دفع المواطن العراقي لتفحص واقعه مجددا بحثا عن السمات المشتركة من جهة. وايجاد الحلول لواقعه الكارثي من جهة اخرى.

ولكي لا يأخذنا الخيال بعيدا لنتحدث عن “انفجار بغداد” مستقبلا، ولتفادي وقوع مثل هكذا كوارث، على الحكومة ان تقدم على خطوات عملية عاجلة من اجل حصر السلاح بيدها وافراغ المدن من “ اكداس” السلاح. وان تفكك حلقات الفساد وتكشف ملفاته وتحيلها إلى قضاء عادل بشكل سريع، فهذه الحلقات هي المسؤولة بشكل رئيسي عن تردي الوضع العراقي برمته.

اضرب بقوة على رأس الفساد تنهار بقية اعضاء الجسد الفاسد يا ريس!

عرض مقالات: