هناك حكاياتٌ لن تنتهي أبداً كالمسلسلات الهندية والتركية، ومثلما يقول المثل الشعبي (سالفة تجر سالفة)، جميعها تنطبق على وضعنا الحالي، وكأننا في دوامة، واحدة تكمل الأخرى، دون إيجاد خاتمة منطقية ومعقولة لها، أو منفذ يفضي إلى النهاية واسدار الستار على أزمة منها!
أكثر هذه الحكايات (الأزمات) التي لا بارقة أمل في إيجاد حلٍ لها، هي الكهرباء، إنها الأفعى التي تبدّل ثوبها كل عام وتظل حيّة ترعب العراقيين!
ومن شدّة ما نعانيه منها صرنا لا نريد أن يقبل علينا الصيف أبدا، لأن الأزمة تتفاقم وتصل إلى ذروتها فيه، رغم معاناتنا الدائمية، لكن للصيف وقعا آخراً نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي تقارب الستين في بعض الأماكن!
منذ عام 2003 وبعد سقوط النظام الفاشي ولحد هذه اللحظة صُرفت، بل هدرت مليارات الدولارات، التي كنا نستطيع بها بناء دول مزدهرة بكل ما تعنيه التكنولوجيا والعمران، لكنها لم تغيّر من وضع الكهرباء شيئاً، بل ازداد السوء سوءا ، وصرنا نستوردها من الجيران بمبالغ خيالية ، كما فتحنا منافذ أخرى لاستيرادها ، دون أن نفكّر بتحسينها عن طريق إنشاء محطات حديثة أو التعاقد مع شركات عالمية متخصصة لبناء محطّات جديدة بالمبالغ ذاتها، التي بذلناها وسنبذلها على الاستيراد !
كم سمعنا وقرأنا من تصريحات نارية لكل مسؤول جلس على كرسي قدرنا البائس، هذا يقول سنصدّرها، وذاك يقول لن ترمش بعد اليوم، وآخر يقول كذا.. تصريحات ترفعنا إلى القمر، وأخرى تنزلنا على سطح المرّيخ، دون أن نلمس على ارض الواقع بصيص أمل، أو خيط شعاع لمصباح ؟!
كم من تظاهرة خرجت هنا، وكم من قربان قدّمناه عند مطالبتنا بتحسينها، ولا أريد أن اذكر أسماء الكواكب والأقمار الذين ارتقوا شهداء نتيجة المطالبة بها منذ سنوات، ولم تتحسن قيد أنملة؟!
والغريب في الأمر أن المسؤولين الفطاحل يتذكرونها عندما يقترب موعد الانتخابات، وفي الصيف حين تشتد الأزمة، لنكتوي بتصريحاتهم البالونية، لكنهم يتناسونها عند حلول الخريف والشتاء، لتذهب كل وعودهم وعهودهم أدراج الرياح، بعد أن تتفرقع بالوناتهم المزيفة، و(راحت فلوسك يا صابر)، بل ذهبت المليارات إلى الأماكن التي لا يعلم بها إلاّ الراسخون في الفساد وظلم العباد، وتعود الحكاية من جديد!
الحق أقول: باطل كل تصريحاتكم ووعودكم إذا لم تنفذوها على ارض الواقع، وسيلعنكم التاريخ والناس إلى ما لا نهاية، ولابد لسالفة الكهرباء من نهاية وان طال أمدها، وأنتم كذلك!