أزعم بأنه، عبر الشبكة العنكبوتية، وبدون اتفاق مسبق، تشكلت أكثر من مجموعة تتداول أهم الاخبار والتقارير وروابط الكتب الجديدة والافلام، بل وبعض النوادر والحكايات الطريفة. وفيهم من لا يعرف او لم يقابل الكثير من اعضاء المجموعة. فحين تقوم ــ مثلا ـ بأرسال تقرير صحفي استهواك عن انتشار المخدرات في المدن العراقية، الى ايميل احد اصدقائك ليطلع عليه، فيقوم بدوره، من باب تعميم الفائدة والمعلومة، بتوزيعه الى قائمة أيميلات مجموعة من اصدقاءه، ويصدف ان بينهم صديق مشترك بينك وبينه، فيقوم هو الاخر بتوزيع المقال الى قائمة اصدقاءه، وتعود انت لتستلم المقال الذي أنت اساسا قمت بتوزيعه.
حكيت هذا، للحاضرين ، في لقائنا في بيت الصديق الصدوق أبو سكينة، فقال أبو جليل : صحيح بيها فائدة ، بس يعني يطعمونك من لحم ثورك.
وضحكنا، ورحنا نتحدث عن بعض المفارقات، التي حكاها لنا جليل، وقال انه احيانا يستلم نفس المقال عدة مرات، مثلما حصل مؤخرا مع مقال يتحدث عن شخصية جحا في تراث شعوب اسيا والشرق الاوسط، والخلاف حول اصول ومنشأ هذه الشخصية. كنت ايضا استلمت نفس المقال، وسبق وحكيت لأبي سكينة تفاصيله، فوجدتها فرصة لاحكي للاخرين شيئا عن هذه الشخصية الطريفة، الشعبية والمشهورة عند شعوب كثيرة، والتي تعددت اسمائها من قارة الى اخرى، ويتواصل النزاع حول اصولها. وفي كل الاحوال يتم تداول نوادره وحكاياته على طول منطقة جغرافية واسعة تمتد من هنغاريا عبورا بالهند، وصولا إلى الصين، ومن جنوب سيبيريا إلى شمال أفريقيا، حيث تروى دائما قصصه وسخريته من الاحداث التي تجري حوله، والتي يظهر في بعضها كشخص حكيم ومغفل في آن واحد، لكن هناك في حكاياته دائما عبرة ما وفي غاية الحكمة .
قال أبو سكينة : ليش يتم التنازع على اصوله، واضح جدا.. جدا أنه من اصول عراقية، أليس احدى حكاياته تتحدث عن عدم اتعاضه وتعلمه من تجاربه ولا يسمع نصائح الناس؟ الم يقطع الغصن الجالس عليه، وتقولون ان هناك تمثال يصور هذه الحكاية ؟
وهذه حكاية ـ عزيزي القاريء ـ لها تمثال في مدينة (أكسيهير) التركية ، حيث تفيد بأن جحا قام ذات يوم بتسلق شجرة، ثم جلس على أحد الأغصان وبدأ بقطعه بواسطة منشار. رآه أحد المارة فصاح فيه متعجبا: "انتبه يا جحا، ستتسبب في سقوطك لو قطعت الغصن". لكنه تجاهل التحذير، وأكمل قطع الغصن، وبالفعل سقط جحا على الأرض، ورغم جراحه هرع إلى الرجل الذي حذره: "بما أنك قد علمت مسبقا بأنني سأسقط، فأنت إذن بإمكانك أن تخبرني أشياء اخرى ستحصل لي"!
الكلام المباح.. جحا العراقي ! / يوسف أبو الفوز
- التفاصيل
- oscar
- آعمدة طریق الشعب
- 2331