تكمن أهمية الأمن الغذائي في اية دولة، في قدرتها على التحكم في توفير متطلبات المعيشة للسكان وادارة هذه العملية بطرق علمية قادرة على استيعاب الظروف المؤثرة، بشكل مباشر او غير مباشر، على توفير مستلزمات الامن الغذائي بالتزامن مع قدرتها على توفير الطاقة بالظروف ذاتها حيث ان الامن الغذائي يمثل شرطا من شروط السيادة الوطنية وهذا يتوقف على تحقيق الاكتفاء الذاتي من سلة المنتجات الغذائية الكاملة.
إن الواقع العراقي يعكس الاختلال في الأمن الغذائي الناشئ عن الفساد السياسي والاداري والمالي قبل كل شيء وزيادة مساحات التصحر وتردي الزراعة والصناعة المكملة لها وهذه العوامل وغيرها قادت الى توفير البيئة المناسبة لتحفيز الإرهابيين وانصراف الدولة لمحاربتهم والتخلص من شرورهم ما ادى الى ضعف اهتمامها بالأمن الغذائي طيلة هذه الفترة ، وحمايته من الانهيار وعدم قدرة الاجهزة الامنية والرقابية في ضبط ايقاع حركة السوق بقطاعيه الانتاجي والاستيرادي بالإضافة الى فشل الخطط الخمسية للأعوام 2009—2014 في تخفيض نسبة الفقر في العراق بل الواقع يشير الى ارتفاع هذه النسبة في المدينة والريف الى اكثر من 30 في المائة .
فالقطاع الزراعي الذي يشكل العنصر المباشر المؤثر بالأمن الغذائي قد يواجه خطر شحة المياه بسبب التقلبات المناخية كما جرى في الفترة الماضية وتؤثر على تراجع الانتاج الزراعي في مساحات واسعة وانعكاسها على الثروة الحيوانية فضلا عن الزراعية خاصة في محافظات الوسط والجنوب قبل انتعاش مواسم الامطار في السنتين الاخيرتين ،والتي كان سببها التجاوز على الحصص المائية وقلة التدفقات المائية التي ترد من تركيا وايران بسبب اقامة السدود التي تستحوذ في البلدين معا على ملايين الامتار المكعبة من المياه وعدم استشارة البلد المتضرر في مخالفة صريحة للعهود والمواثيق الدولية وان التعهدات الشفوية من قبل المسؤولين في كلا البلدين ليست سوى تعهدات تخديريه لا تسمن ولاتغني من جوع ، إن المهم هو إبرام اتفاقات مكتوبة وفيها عنصر الاستدامة بعيدا عن التسويف في وقت تتكثف فيه الحركة التجارية مع هذين البلدين بعشرات المليارات من الدولارات سنويا ما يتطلب من الحكومات العراقية ان تكون على حذر كامل من عاديات الزمن وان تسارع لإجراء حوار مع الحكومتين الايرانية والتركية من اجل الاتفاق على ضمان حصة العراق من الموارد المائية وإلا فإن الاعتماد على الخارج في استيراد السلة الغذائية سيظل يشكل نزيفا كبيرا للعملة الصعبة حيث ان مقدار قيمة الفجوة الغذائية تقدر حاليا بـ 1.6مليار دولار سنويا وبالتالي فان الاعتماد على البطاقة التموينية كحل ثابت للازمة الغذائية سيؤدي الى ان يصل مقدار قيمة المجموع التراكمي للفجوة الغذائية خلال السنوات العشرة القادمة الى اكثر من 40 مليار دولار وهو مبلغ سينخفض الى النصف لو جرى استثمار نصف هذا المبلغ في التكامل بين القطاعين الصناعي الزراعي .
انطلاقا مما تقدم فإن مواجهة المخاطر التي تواجه الأمن الغذائي ترتب على الحكومة العراقية التعجيل في اتخاذ مجموعة متكاملة من الاجراءات نذكر منها:
1. التنسيق التام بين وزارت التخطيط والخارجية والزراعة والموارد المائية بدعم الحكومة العراقية والعمل من اجل مواجهة حالات الجفاف المحتملة وابرام اتفاقات دائمة مع تركيا وإيران لضمان حصة العراق المائية وتوظيف اللوائح الدولية ذات الصلة لهذا الغرض.
2. العمل على وضع مشروع استراتيجي خاص بحفر الابار الارتوازية في المناطق التي تعاني من شحة المياه من اجل الاستقرار السكاني ومنع الهجرة الداخلية والاكثار من الخزانات المائية للاستفادة من مياه الامطار.
3. تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي عن طريق تنمية الثروة الحيوانية وتشجيع صناعة منتجاتها من اللحوم والحليب ومنتجات الألبان لسد حاجة العراق منها حيث تعتمد السوق العراقية حاليا على المستورد من دول الجوار.
4. الاستفادة من مخرجات التقارير المشتركة بين برنامج الغذاء العالمي والحكومة العراقية الناتجة عن المسح الذي شمل 20 ألف اسرة في المناطق الحضرية والريف والعوائل النازحة.

عرض مقالات: