فشلت الطغمة الحاكمة في فرض مرشحيها لمنصب رئيس الوزراء، فتهاوت اسماؤهم الواحد تلو الاخر امام اصرار المنتفضين المطالبين بشخصية من خارج منظومة الحكم. ولم ينفع المتنفذين في شيء عنادهم وعدم استجابتهم لمطالب المنتفضين بترشيح شخصية وطنية مستقلة كفؤة ونزيهة. بالعكس زاد العناد السخط عليهم وضاعف الغضب، خاصة بعد انكشاف آخر ادعاء كاذب بتمسكهم بالدستور وتوقيتاته.

فها هي المهلة الدستورية الممنوحة لرئيس الجمهورية تنتهي، من دون ان يتمكنوا من ترشيح شخصية تنطبق عليها المعايير التي ثبتها المنتفضون. وما زالوا يراهنون على الوقت وعوامل اخرى، بهدف حماية مصالحهم والحفاظ على امتيازاتهم، مستخدمين في ذلك حتى الوسائل المشينة والخارجة عن القانون من قتل وخطف وترويع.

وبرغم الصعوبات، فرضت الانتفاضة نفسها على جميع المؤثرين في الشأن العراقي، من القوى والاحزاب والشخصيات الداخلية والاقليمية والدولية، وجعلتهم في حيرة امام اصرار الجماهير على إحداث التغيير الذي ترقبته طويلا، مسجلة رقما جديدا صعبا هو الشعب العراقي ومطالبه الشرعية.

لقد ازدادت ثقة المنتفضين بقدرتهم على منع تمرير لعبة المتنفذين، المتمثلة في تقديم مرشح ليرفض فورا، وتكرار ذلك مرة بعد مرة، كذلك ارتفعت همة المنتفضين. واتسعت تبعا لذلك فجوة عدم الثقة مع طغمة الحكم.

وازاء هزيمة المتنفذين، ونجاح المنتفضين في فرض رؤيتهم الهادفة الى احلال بديل وطني نزيه وكفؤ، وحفاظهم حتى هذه اللحظة على قوة رفض جبارة عبر تعبئة جماهيرية فعالة وقوية في نقدها، ازاء هذه النجاحات لا بد من طرح مرشح لرئاسة الوزراء يحظى بنوع من الرضا العام. تتبع ذلك خطوة اخرى تتمثل في تسمية الفريق الوزاري ومساعديه، والذي عليه ان يدير المرحلة الانتقالية. فالتغيير لا يعتمد على شخص بعينه مهما كانت قدراته وامكاناته ونزاهته ونظافة يده ومقاصده. وهذا يتطلب تفعيل العقل الجماعي عبر اوسع تنسيق بين مختلف أطر الانتفاضة، من الخيم وممثليها وطلبة الجامعات والنقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والمبادرة المدنية، وعبر إنضاج مبادرة تحظى بقبول جماعي كي تسمع العالم صوتا واحدا واضحا.

 انها لحظة تاريخية فارقة، وايام فاصلة مجيدة، حيث التعبئة الشعبية للانتفاضة الجبارة وفواعلها وروافعها، وما تمتاز به اللحظة التاريخية من قوة، تتجلى في التعبئة الجماهيرية العريضة للانتفاضة وقوة الرفض والنقد. لذا فالوقت مناسب للتقدم خطوة الى الامام، وتكثيف المبادرات لطرح البدائل عن السياسات التي انتجها العقل المأزوم، عقل الطغمة التي حكمت وافسدت.

عرض مقالات: