تعد العملية السياسية التي تعتمد على صندوق الانتخابات، وذات الشفافية العالية والخالية من التزوير،  من افضل العمليات السياسية في المعمورة. وهناك استثناءات قليلة في هذا الشأن فمثلا في الانتخابات الألمانية في ثلاثينيات القرن الماضي صعد إلى الحكم عن طريق تلك الانتخابات " ادولف هتلر" الذي سرعان ما خرج منه دكتاتور بغيض. وبسبب تطرفه العرقي وعنصريته وسياسته الحمقاء اشتعلت الحرب العالمية الثانية التي كبدت البشرية عشرات الملايين من الضحايا من دول وقارات مختلفة، وخربت مدنا عامرة وعواصم كثيرة وخسر الاقتصاد العالمي الكثير الكثير جداً.

كانت بيضة ذاك البرلمان الالماني فاسدة، تشبه إلى حد كبير بيوض برلماننا بدوراته المختلفة، لسبب بسيط هو كون "الديك" الفاعل والمؤثر في وطننا جاء من خارج الحدود، واعتمد على المحاصصة الطائفية والاثنية في توزيع الكراسي والمناصب. تلك المحاصصة التي اصبحت توأما ملازما للفساد الاداري والمالي الذي نخر كل اجهزة الدولة. ولم تستطع اية دورة في البرلمان او في الحكومة، منذ سقوط الطاغية، ان تطرح مشروعا عراقيا خالصا يرمي الى بناء اقتصاد متين يعتمد على استخدام عقلاني للموارد الطبيعية المتوفرة.

 ولكن النتيجة الملموسة من خلال سياسات البرلمان والحكومات المتعاقبة على حكم البلاد، هو الضحك المتواصل على ذقن العباد، واغلب تلك الحكومات اكتفت بالحديث عن الفساد والتلويح بكشف الملفات الكبيرة. وفي النتيجة بقي اهدار اموال الموازنات العامة طي النسيان، كذلك الملف الخطير الخاص بدخول داعش وفضيحة انسحاب الجيش العراقي من الموصل ووقوع مجزرة " سبايكر " ظلت من الملفات التي لا يمكن الاقتراب منها!

 ولم تكن هناك كتلة برلمانية واحدة جادة بفتح اي من هذه الملفات، وغيرها كثير: السلاح المنفلت خارج سيطرة الدولة، والبنية التحتية المتهرئة، وبنايات المدارس المنهوبة وبيع المصانع الكبيرة كخردة في اسواق الدول المجاورة، والاغتيالات والتفجيرات التي تركت مئات الضحايا في وسط بغداد ( تفجير الكرادة انموذجا ) وغيرها الكثير!

اما رفع الشعارات التي تدعو للاصلاح والتغيير من قبل الاحزاب المتنفذة، فلم يحدث الا لذر الرماد في العيون! اذ لا يمكن لفاسد ان يكون مصلحا! واما بيع المناصب والكراسي في البرلمان او عند توزيع الحصص فحدث ولا حرج!

ولم يبق لنا امل، اليوم، الا بالشباب المنتفض الذي قلب الطاولة على رؤوس الفاسدين. فالشباب الذين خرجوا بصدور عارية من اجل عراق المستقبل، وبمساندة شرفاء هذا الوطن،  لن يعودوا الى منازلهم قبل ان ترسو سفينة الانتفاضة على ضفاف عراق حضاري وديمقراطي بشكل حقيقي، عراق آمن ومتقدم ومتآخي بكل طوائفه واثنياته المختلفة.

الشباب اليوم هو " الديك الفصيح" الذي سيمنح الوطن بيضاً طيباً صالحاً!

عرض مقالات: