وضعت الانتفاضة قانون الانتخابات وتعديله ضمن اهم أهدافها، وطالب المنتفضون بقانون يجسد المواطنة، ويعتمد العدالة، ويثبّت القطيعة التامة مع الطائفية السياسية، ويضمن مشاركة واسعة وتمثيلا حقيقيا للناخبين. كما يؤمّن استبعاد كل اشكال التزوير وتزييف الإرادة الشعبية، ويستند الى سجل انتخابي رصين يحفظ التنوع في المجتمع العراقي، ويقضي بتمثيل النساء والشباب بما يتناسب مع حجمهم في المجتمع. ومن المطلوب أيضا اعتماد نظام حسابي بسيط وواضح وعادل لاحتساب الأصوات.
في الوقت نفسه لا يبدو ان ثمة معنى لانكباب مجلس النواب على تعديل قانون الانتخابات، ان لم يسهم هذا في تغيير الطغمة الحاكمة الممسكة بالسلطة منذ التغيير حتى الآن. كما لا معنى لذلك ان لم تكن الغاية اجراء انتخابات مبكرة، وبسقف زمني محدد وواضح. وفي حال كان الامر مختلفا عن ذلك، فانهم انما يراوغون ويستهينون بدماء الشهداء وبتضحيات المنتفضين وأبناء الشعب.
اليوم، وأمام عناد رئيس مجلس الوزراء ورفضه مطلب المنتفضين بالاستقالة، يجد البرلمان نفسه امام امتحان حقيقي لصدقيته ولقدرته على مباشرة استجواب رئيس الوزراء عاجلا، وإقالته، وفتح الطريق امام عملية الخلاص من الحكام الذين فشلوا في البناء والتنمية وفي تقديم اي منجز، بل كان الفساد والافساد حصيلة حقبة حكمهم الممتدة منذ التغيير حتى الآن.
من جهة أخرى، وبعد فشل كل إجراءات السلطة وأدوات قمعها في ثني المحتجين وكسر ارادتهم وانهاء انتفاضتهم، صارت السلطة تراهن على تعب المحتجين ومللهم من طول أمد نشاطهم الاحتجاجي. لكن هذا رهان خاسر، فقد تميزت إرادة جماهير المحتجين وما زالت تتميز بالصلابة والقوة والبسالة، وبالصبر والمطاولة، رغم كل ما مورس ضدهم من أساليب الضغط والقهر والترهيب، ورغم الظروف الجوية الصعبة التي يواجهونها وهم يقضون لياليهم في خيام لا تحمي من البرد والمطر.
وها ان الجميع يرونهم اليوم كما في الامس مصرين على مطالبهم المشروعة، التي لخصوها باستقالة الحكومة او اقالتها، وتشكيل حكومة جديدة مصغرة من شخصيات مستقلة، تنفذ مهمات استثنائية ويمنحها مجلس النواب صلاحيات تشريعية ايضا، لتعدل قوانين الانتخابات والمفوضية والأحزاب، وتقدم قتلة المنتفضين الى القضاء كمجرمين، وتفتح ملفات الفساد وتسلم كبار الفاسدين الى القضاء، كي يقول كلمة الفصل بحقهم.