اليوم اخترت (حجابات) جسر الجمهورية في الباب الشرقي، والذي تدافع عنه نخبة كبيرة من شباب الانتفاضة التشرينية الصامدين على الصبات الكونكريتية بمواجهة القوات الحكومية (مكافحة الشغب)، واخترت مجموعة من الابطال وتحدثت معهم. وكان منهم سجاد الشاب العشريني الذي طلبت منه ان يحدثني عن قناعاته ولماذا اختار هذا الطريق؟ قال: "نحن جيل من الشباب لم نعش مرحلة الدكتاتورية الصدامية ولم نعرف الانتماء الى حزب السلطة، وجدنا انفسنا امام مرحلة جديدة تتسم بالفساد والطائفية والمحاصصة ولم نجد للكفاءة مكاناً في الوطن، وجدنا الأحزاب المتنفذة الفاسدة والسياسات الخاطئة والمنهج المنحرف.

ووجدنا ان لا مكان للمخلصين وان هذا الوضع قائم على غياب وتغييب الوطن فقررنا جميعا ان نبحث عن الوطن ونختاره هدفا لنا بعيدا عن المحاصصة والمنهج الدكتاتوري والحزبية الفاسدة".

كان سجاد صريحاً وواضحاً، لكني وجدته جالساً على أرضية الجسر وليس في قمة الساتر. سألته فقال لي: انا كنت في الأعلى لكن رفاقي انزلوني لاني اصبت بجروح حيث احترقت يدي واصيبت قدمي كما ترى.

 فعلا كان حديثاً شيقاً مع هذا الشاب المملوء حيوية ونشاطا. 

قلت زدني يا سجاد عن عملكم هذا؟ قال: نشاهد هذه المرأة العراقية الباسلة، لقد اختارت مكانا متميزاً هو مكان ابنها الشهيد الذي استشهد يوم الثلاثين من تشرين، يعني بعد أيام من الانتفاضة. وقد حضرت مكانه لان الشهيد اوصاها بأن لا تقيم عزاء وان تختار الجسر مكانا للمقاومة وان لا تقبل التعزية بولدها.

انها ام الشهيد الشاب عبد الله التي ضربت مثلا بالشجاعة والاقدام حيث نجدها تساعد أولادها المنتفضين وتقدم لهم الطعام والشراب وترفض الاخلاء للخلف، وتجيب بانها ام لكل العراقيين وان الشباب هم أولادها وتؤكد على انها ستحول مجلس العزاء الى مجلس فرح يوم تتحقق الأهداف التي ضحى من اجلها ابنها الشهيد عبد الله، وكل احبته من العراقيين. واجدها تردد هذه الاهزوجة الشعبية: "اموت اعله الحد.. موش اله وسادة".

هكذا هي الام العراقية الباسلة التي ضحت وناضلت. وكانت ام عبد الله نموذجا عراقيا قدم للوطن الكثير وهو بحاجة للعطاء والخير.

المجد والخلود لشهداء الوطن والامهات الباسلات

والخزي والعار لقتلة شعبهم وشبابهم.. 

عرض مقالات: