شهد العراق مطلع تشرين الأول 2019، تظاهرات واحتجاجات ضخمة بدأت من العاصمة وامتدت الى المحافظات الجنوبية، كان هدفها الأساسي هو المطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، وقد سبقها بفترة بعض الاعتصامات والتظاهرات هنا وهناك لخريجي الكليات امام الوزارات والمؤسسات المعنية بالامر مطالبين بفرص عمل مناسبة في بلدهم الذي يعرفونه بلداً غنياً بالثروات النفطية والطبيعية.
لا يخفى على الجميع ان التظاهرات كانت من الشباب البسيط والفقير المعدمين بالإضافة الى الخريجين وأصحاب الشهادات بيد انهم كانوا يمثلون عماد البلد ومستقبله، لتأتي الإجراءات الحكومية ضدهم من قمع وعنف مفرط، بغية كبح جماح الشباب المنتفض، وهنا انقلب السحر على الساحر، لان الرياح مهما علت او ارتفعت لا تخمد ثورة البركان الثائر بل تزيد من استعارها، ووقع خلال الاحتجاجات نحو 157 شهيدا، فضلا عن إصابة أكثر من 6 آلاف جريح، فيما أقرت الحكومة في بادئ الامر استخدام قواتها للعنف المفرط ضد المحتجين، متعهدة بمحاسبة المسؤولين عن العنف، كما فرضت حظر التجوال وقطع الشوارع ونشرت القوات الامنية، حينها عمد بعض التجار الفاسدين من جانبهم الى رفع أسعار المواد الغذائية فالفرصة مواتية لكسب أرباح على حساب اثقال كاهل الناس والتحكم بقوتهم اليومي.
على الرغم من عدم تطابق الامرين كليهما، وهو حين منعت الحكومة استيراد بيض المائدة من دول الجوار لدعم المنتج المحلي بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، بادرت نفس الجهات الجشعة الى رفع اسعاره الى الضعف ما تسبب في أزمة جديدة اثقلت كاهل العائلات الفقيرة، ولم تنخفض أسعاره حتى يومنا هذا، الانكى من ذلك ان الجهات المعنية لم تتخذ اي قرار بصدد الحد من الجشع الحاصل في قوت الناس بارتفاع الاسعار، بالرغم من الانتقادات وحالات التذمر للمواطنين على الامر، لكن الحال بقيت على ما هي عليه لا تغيير، وكان الخاسر هنا هو المواطن البسيط.
لماذا تغيب الإجراءات والإصلاحات في كل الامور التي تخص الناس، ومشكلة بسيطة تتمثل في ارتفاع اسعار المنتج المحلي، لم تحل حتى الان، وهي لا تقارن بباقي الإشكالية الموجودة التي يعانيها المواطنون في مختلف القطاعات.
كيف الحال بإصلاحات وإجراءات تخص مطالب شعب انتفض ويريد الخلاص من الهاوية والانهيار التي أوصلتموهم اليها؟