الأستاذ الاكاديمي والمربي الفنان سامي عبد الحميد، تتلمذتْ على يده أجيال عديدة. كان واحدا من الفنانين القلائل الذين يبحثون دائما عن الجديد الإبداعي، مخرجا كان ام ممثلا. فشهد له المسرح العراقي تجاربا ما زالت خالدة في الذاكرة: تموز يقرع الناقوس، قرندل، حفلة سمر من اجل حزيران، هاملت عربيا، بغداد الازل بين الجد والهزل، نفوس، رحلة في الصحون الطائرة، اغنية التم ، الملك لير، المتنبي، ثورة الزنج، ملحمة كلكامش والعديد غيرها، اضافة الى تجارب سينمائية وتلفزيونية ودرامية. لكن هواه ظل مسرحيا، فكرس جلّ وقته للفن المسرحي تطبيقا ونظرية، وكتب العديد من الكتب والمقالات والترجمات: الملامح العربية في مسرح شكسبير، السبيل لإيجاد مسرح عربي متميز، العربية الفصحى والعرض المسرحي، فن الإلقاء، فن التمثيل، فن الإخراج وغيرها. كما ترجم عدة كتب تخص الفن المسرحي.
شارك في العشرات من المهرجانات المسرحية العربية ممثلا أو مخرجا، ونال العديد من الجوائز وشهادات التقدير من جهات مختلفة.
كان جديرا بكل المناصب التي شغلها طيلة حياته، فكان نقيبا للفنانين العراقيين، ورئيسا للمركز العراقي للمسرح، ورئيسا لاتحاد المسرحيين العرب. ومنذ مطلع السبعينات شغل منصب معاون عميد أكاديمية الفنون الجميلة لشؤون الطلبة، فكان اداريا صارما وصديقا حميميا للطلبة الجادين في قسم الفنون المسرحية.
ولا يمكن أن ننسى دور سامي عبد الحميد في تعضيد مكانة فرقة المسرح الفني الحديث، عراقيا وعربيا، بجانب الراحلين ابراهيم جلال ويوسف العاني وخليل شوقي وقاسم محمد.
وبعد تردي الواقع الثقافي العراقي، وبالأخص المسرحي، نتيجة الحروب والحصار وسياسات الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق، وبعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود على توقف فرقة المسرح الفني الحديث، حاول رغم تقدمه في السن إعادة تأسيس الفرقة مع مجموعة من الفنانين الجادين: جواد الاسدي، عقيل مهدي ، كافي لازم، حكمت داود، طه رشيد، مظفر الطيب، محمد عمر، وآخرين.
ورغم صعوبة حركته وتدهور وضعه الصحي، الا انه قدم للفرقة الجديدة ثلاثة مشاريع بين تمثيل واخراج، وكان يفترض أن يتم اختيار احد هذه المشاريع ضمن برنامج فرقة المسرح الفني الحديث المقبل، إلا أنه لم يكتب لنا وله أن نشاهده مجددا على المسرح.
ذهب سامي عبد الحميد وما زالت مشاريعه قائمة، وسنواصل السير على خطاه بالبحث عن الجديد، من أجل تحقيق رسالته المسرحية في خلق انسان عارف واعِ، محبِ للثقافة والتنوير.
لقد وقفت كل الجهات المسرحية العربية احتراما في لحظة غيابه الجسدي، أما سلطاتنا الثلاث فلم تنتبه لرحيل هذه القامة الباسقة، فلا علم نُكس ولا برقية تعزية وصلت ولا حضور "رفيع" في يوم تشييعه!