عاشت الأندية الرياضة فترة هواية طويلة منذ تأسيسها مطلع ثلاثينات القرن الماضي وبإمكانات مالية متواضعة لكنها امتلكت الإرادة والإخلاص لرياضتها ووطنها، حيث واصل العشرات من نجوم الرياضة وابطالها اللعب والمشاركة دون مقابل، بل ان الكثير كان يقتطع من لقمة عيشه بعض الدراهم من اجل ان يسدد بدل الاشتراك الشهري الذي يدفعه لناديه من اجل مواصلة نشاطه الرياضي، إضافة لبعض الدنانير التي كانت تقدمها وزارة المعارف او الداخلية وأخيرا الشباب كدفعات لهذه الأندية (الكادحة).
وخلال تلك الأيام الصعبة كانت الإرادة والاندفاع والرغبة هي الدوافع الأساسية لمسيرة الأندية والعمل الرياضي الذي حقق لنا بعض الإنجازات وفي مقدمتها الميدالية الأولمبية التي خطفها الرباع الراحل عبد الواحد عزيز في أولمبياد روما عام 1960، وظلت يتيمة حتى هذه الساعة.
اليوم تغير الحال وبدأت الرياضة تأخذ حيزاً اكبر وتوسعت نشاطاتها وتطورت منشآتها وملاعبها وتحولت الأندية الى مؤسسات كبيرة تمتلك نشاطات وفعاليات متنوعة وصارت مكانا تجتمع فيه العوائل ومجالا للتعارف وبناء العلاقات الإنسانية، بل انها تحولت الى مؤسسات اقتصادية رائدة تمارس نشاطات وفعاليات متنوعة تبدأ بالرياضة والثقافة والفن، الامر الذي دفع الأندية في بلدان المنطقة الى السعي من اجل تحويل الكثير من انديتها الى شركات استثمارية برؤوس أموال كبيرة مع وجود مجالس لإدارتها وقيادة نشاطاتها، فلم يعد موقع رئيس النادي تشريفيا او للوجاهة والاستفادة من موقعه مثلما كان الحال أيام خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والذي استمر تأثيره في العراق حتى الوقت الحاضر ما ضيع على انديتنا فرصا للتقدم والرقي.
إن رئاسة الأندية لم تعد قضية تشريفية بل صارت قضية اقتصادية واستثمارية يستطيع النادي من خلال مجلس ادارته وكفاءة رئيسه ان يحقق أرباحا طائلة أموالا كبيرة لمؤسسة النادي، وينتقل به الى واقع جديد وتجربة جديدة تخدم الرياضة وترتقي بها، وتنطلق من المحلية الى العالمية، وهذا هو اليوم الشكل الغالب لاندية الجوار والمنطقة والقارة، اما نحن فالكثير يسعى من اجل البقاء على ذات تقاليد الامس والاكتفاء ببعض الشخصيات من كبار المسؤولين للتوجه بقيادة الأندية العراقية والاستفادة من أسمائهم ومواقعهم دون فعلهم ودورهم وتأثيرهم بالاستثمار والعقلية التجارية على تحريك المؤسسة الرياضية (النادي) لتحقيق الفوائد والارباح التي ستعكس ايجاباً على النادي والألعاب المتنوعة وبالتالي عموم الرياضة العراقية.
احبتي العاملين في قيادة الأندية الرياضية
اعزائي أعضاء الهيئات العامة للأندية الرياضية
أنتم مطالبون بإدارات ناجحة وقادة فاعلين ومؤثرين في الميدان الرياضي والاقتصادي-الاستثماري وليس فقط اشكال اعتبارية، فلا مكان لرئاسة شرفية بل نريد رئاسة فاعلة ومؤثرة وقادرة على النهوض بالأندية من اجل مصلحة الرياضة بشكل عام. وهذا لا يتحقق الا بإعادة النظر في قانون الأندية الرياضية وتقسيمها الى اندية هواة تسهم في الرياضة الشعبية والجماهيرية واندية للمحترفين تكون مهمتها الارتقاء برياضة الإنجاز العالي وتكون قياداتها احترافية ومتخصصة ولا مكان فيها للجهلة ومحدودي الإمكانيات وهذا ما تعانيه انديتنا اليوم والتي تسببت في تراجع الرياضة وفشلها .. ولنا عودة.

عرض مقالات: