في أي مكان او بقعة من دول العالم عندما يضعف دور القانون تعم الفوضى، وتبهت الالوان في كل شيء، فتتراجع صفات الأخلاق والجمال وتضيع الرؤى المستقبلية لملامح تطور المدن، فالفوضى سائدة لانشغال رجال الدولة بامتيازاتهم ومنافعهم الشخصية، دون الركون الى انشاء المشاريع العمرانية في المدن المهددة بالخراب.
في مدينة الكوت اعطي مثالا عن خراب المدن حيث استغلت اغلب الطرق والساحات الخضراء لتتحول الى اماكن تجارية الهدف منها هو الكسب المالي، بغض النظر عن تشويها جمالية الشارع او الحي السكني، وبعدم الاهتمام اذ كان الرصيف ضيقا ما يسلب الناس حقها في السير عليه. ولم يقتصر التجاوز إلى هذا الحد فحسب، بل تجاوز الامر على الطرق العامة والطرق السريعة المخصصة للسيارات، فالبعض من الارصفة والشوارع أصبحت أماكن مميزة للبقالين، والباعة الجوالين، وبائعي الأسماك والدواجن، ومقاهي الشباب، كونها متاحة للجميع وغير مكلفة اقتصاديا، فلا يتكلف المستغل بدل ايجار او أموال للتمليك، لكن من تداعياتها الخطيرة هي المخلفات المتأتية نتيجة عمليات البيع تلك، فالنفايات والأوساخ ترمى على قارعة الطريق بدون مبالاة لنظافة الأماكن والتي تضيع جمالية المدن فضلا عن انعكاساتها على البيئة والصحة العامة.
فيما الحكومة المحلية الادارية لا تكلف نفسها عناء التخطيط لإيجاد البدائل للكسبة وباعة الطرقات، بغية اعادة جمالية مظهر المدن والإحياء، والحد من التجاوز على الأرصفة والطرق العامة، بل المحزن في الموضوع التجاوز الذي طال الساحات الخضر والمنتزهات التي تعتبر متنفسا وحيدا للعائلات البسيطة من اجل الراحة من هموم الحياة ومشاغلها، حيث استغلت من قبل أصحاب النفوذ والجاه وتحولت الى مقاه للشباب، وأماكن تنظيم الحفلات والمؤتمرات بهدف جمع الأموال، حتى أصبح لكل شيء ثمنه، وبدل من أن تكون هذه الساحات مجانية ومتاحة لعامة الناس، كما هو موجود في كل دول العالم، أعلنت دوائر البلدية عن مزايدات علنية باستثمارها، ودون إشراك الدوائر الأخرى المعنية في مشاريع كهذه لابداء رأيها بالموضوع.
اليوم نطالب دوائر البلدية مراجعة اعمالها ومخططاتها المستقبلية، وتعمل على وضع خطط جديدة تتضمن تحديد المناطق التجارية والأحياء السكنية، والحد من التجاوز على الطرق والأرصفة، والاهتمام بجماليتها، وان توفر أماكن وساحات للباعة المتجولين، او محال حضارية وبأسعار رمزية، لكيلا تقطع الأرزاق في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها مواطنو البلد
وفي الوقت نفسه ضمان عدم التجاوز على الأماكن العامة، والاهتمام بتأهيل الساحات الخضر في الأحياء السكنية، والتوقف عن إعلانها في المزايدات العامة، من اجل الحفاظ على ملامح المدن بالكامل.