منذ سنتين أخذت القدم اليسرى لإبني بالاعوجاج نتيجة جرح في باطنها ، راجعنا الطبيب فقال السبب انقطاع الأوتار العصبية وتحتاج عملية جراحية ، تركنا الموضوع لقلة ذات اليد ، لكن قبل شهر ولتفاقم الحالة أصرّ ابني الأكبر وأصدقاؤه على إجرائها ، راجعنا طبيب الكسور والمفاصل فطلب إجراء تخطيط لأعصاب الأطراف السفلى ، بعد التخطيط قال إن السبب في الدماغ ، ساعتها اسودّت الدنيا بعيني ، أخذته إلى أخصائي بالدماغ ، فطلب إجراء تخطيط لجميع الأطراف مع رنين مغناطيسي للدماغ والعمود الفقري وتخطيط قلب ، بعد إجراء التخطيط والرنين تبيّن أن السبب فتحة ولّادية في عموده الفقري نتيجة انعدام عظمتين من عظام الفقرات القطنية ، وبمرور الزمن تكوّنت شحوم أخذت بالالتفاف حول الأعصاب والضغط عليها ما يسبب ضعف في الأطراف السفلى ثم الشلل وعدم السيطرة على البول والغائط ، ولابدّ من عملية تداخل جراحي لإزالتها ، و أي خطأ بسيط يؤدي إلى الشلل التام !
أشار علي الأصدقاء والمعارف إجراءها في إيران أو الهند لعدم ثقتهم ــ كما قالوا بالطب العراقي ــ لكنني ولضيق الحالة المادية أصرّيت على إجرائها في البصرة ، فراجعت أخصائياً بجراحة الجملة العصبية هو ( الدكتور مهند أحمد عبد الله )شاب طموح من مواليد الثمانينات، في البدء شرح لي مخاطر العملية وما بعدها لأنها فوق الكبرى وأكد إجرائه لمثلها سابقاً، قلت له :ــ أنا أثق بالطب العراقي لهذا سأسلمك ولدي لتجري عمليته ، استمرت العملية أكثر من خمس ساعات ونصف ، وبدقة متناهية من قبله ما أدى إلى نجاحها وعدم المساس بأي عصب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة ، عند المراقبة والعلاج كان الدكتور مهند يعود ابني ليلا ونهارا في المستشفى العام ، للاطمئنان على حالته حتى بدأ يتماثل للشفاء ، وبعد خروجه من المستشفى اخذ يتصل بي للاستفسار عنه يوميا ، وهذا مدعاة خير وسعادة للجميع !
حالة ابني ومثله الكثير في العراق قد تسوء بفعل قلة ما في اليد، وقد تنتهي بنجاح على أيدي طبيب عراقي ماهر كمهند مثلا، وهذا يعني أن الطب العراقي بخير وتطور وان العقل العراقي خلّاق ومبدع مهما قست الظروف، والدليل نجاح الطالب الفقير حسن وحصوله على المرتبة الأولى في العراق!
الطب بخير، لكن المؤسسات الصحية تحتاج إلى الكثير من الأجهزة الحديثة والأدوية والعلاجات وإعادة ترتيب ردهاتها وتنظيمها بشكل يعطي الراحة النفسية للمريض، كما علينا إدخال الممرضين والأطباء المتمرنين والمعينين وغيرهم في دورات تثقيفية للارتقاء بكل ما يمت للصحة بصلة!
وعلينا أن نعيد الثقة بأطبائنا فهم مهرة ومبدعون منذ زمان رغم ما لاقوه من قتل واختطاف ومحاربة من قبل أصحاب النفوس المريضة وبائعي الضمير والسذج من الناس لانعدام الوعي والوطنية الحقيقية!
أطباؤنا يمتلكون وعيا علميا كبيرا ، وباستطاعتهم التغلب على أقرانهم من أطباء دول الجوار وغيرها إذا تهيأت الأجهزة الحديثة والدعم والتشجيع من قبل الجميع !
وبدلا من ذهابنا إلى الخارج ، وعدم قناعتنا بأطبائنا علينا أن نتأمل ما يقدمونه من نجاحات في مجالات تخصصهم والوقوف معهم وتشجيعهم وإعادة الثقة بمهاراتهم وشطارتهم ، لأن العقل العراقي خلّاق وستثبت الأيام صحة ذلك ، وهذا ما لمسته من خلال نجاح الطبيب بإجرائه عملية القلب لصديقنا الروائي شوقي كريم حسن ، والطبيب الشاب مهند احمد الذي أجرى عملية ابني ، وغيرهم الكثير طبعا !!