أعلن وزير الزراعة مؤخرا ان الوزارة اقدمت على وضع خطة استراتيجية لدعم المنتج المحلي من بينها زراعة مليون نخلة في مسعى لزيادة عدد النخيل في العراق فضلا عن نشر منظومات الرش في الاراضي الزراعية لمواجهة شح المياه مستقبلا، مضيفا ان سياسة الوزارة الجديدة تعتمد انتاج محاصيل زراعية تسد حاجة السوق المحلية ومنع استيرادها.

 والسؤال المهم هنا كيف ستتم زراعة هذا العدد ومن اي الانواع بل والاهم من ذلك كيف ستتم المحافظة عليه وحمايته من تجار العقارات الشرهين وخططهم في احالة الأراضي الزراعية الى اراض سكنية تجاوزا للأطر التشريعية، بحماية منظومات الفساد في جهاز الدولة التنفيذي وقوى سياسية منتفعة؟

فكلنا يعرف ان العراق كان يتصدر دول العالم المنتجة للتمور من حيث عدد النخيل ففي ستينات وسبعينات القرن الماضي كان في العراق 36 مليون نخلة ولكن هذا العدد  قد انخفض بعد الحرب العراقية الايرانية حتى وصل في بعض الاحصائيات الى 9 ملايين  نخلة وفي احصائيات اخرى الى 19 مليوناً   ومهما اختلفت الارقام فان الواقع يشير الى هبوط عدد النخيل بشكل مثير للقلق حتى ان منظمة الغذاء والزراعة الدولية (الفاو) قد اشارت في تقاريرها الى ان العراق قد احتل المرتبة الخامسة من بين الدول العشرة المنتجة للتمور في العالم بعد ان كان يحتل المرتبة الاولى في عهود سابقة .

لقد اصبح واضحا  للجميع ان ابرز المخاطر والتحديات  التي تهدد زراعة النخيل في العراق ليس فقط الحروب التي اصبحت من الماضي او تفاقم نسبة الملوحة او زيادة تكاليف الانتاج الناتجة عن ارتفاع اسعار الاسمدة والمبيدات التي لم تعطها الدولة شيئا من الاهتمام الذي يتناسب مع اهمية هذا المحصول وقيمته الاقتصادية الثرية ، وانما تكمن ايضا  في عمليات تجريف بساتين النخيل وما في داخلها من اشجار الحمضيات والاعناب التي شملت مدينة بغداد وذي قار والبصرة وديالى وكربلاء والنجف وبابل  ومحافظات اخرى   في عملية هوجاء وتحويلها الى اراض سكنية في خرق  فض للقوانين والتشريعات الهادفة اساساً الى الحفاظ  على المساحات المزروعة والمصنفة كأراض زراعية،  وكذلك تجاوز  على التصميم الاساسية للمدن والخدمات الاساسية الموجهة لهذه المدن . وكل ذلك يجري أمام انظار الحكومة ووزارة الزراعة وامانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات والاجهزة الرقابية بقضها وقضيضها .

ان خطة وزارة الزراعة بزراعة مليون نخلة وان جاءت متأخرة ولكنها أفضل من ان لم تأت بيد ان المهم في هذه الخطة هو تحويلها الى مشروع شعبي عام يشمل الحكومة والمزارعين ومنظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها الجمعيات الفلاحية التعاونية والاهم من ذلك الحفاظ على البساتين الموجودة وتفعيل عوامل انتعاشها وحمايتها من تجار الاراضي ومنظومات الفساد المتغلغلة في مفاصل الدولة.   وكي تعطي هذه الخطة مفاعيلها في عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق فوائض اقتصادية نافعة فلابد للوزارة ارتباطا بهذه الخطة من حزمة متكاملة من الاليات والاجراءات الضرورية لإنجاحها مقترحين ما يأتي:

  • وضع هذه الخطة ضمن البرنامج الحكومي المحدد بتوقيتات زمنية ومتابعة التنفيذ من قبل الدوائر المختصة في وزارة الزراعة على ان تتضمن دعما حكوميا كافيا للمزارعين من خلال عمليات مكافحة باعتماد الطيران الزراعي ودعم اسعار الاسمدة.
  • شمول خطط الوزارة المتعلقة بتفعيل دور القطاع الزراعي في عملية التنمية الاقتصادية باعتماد مبدأ التكامل مع القطاع الصناعي من خلال التنسيق في خطط مشتركة مع وزارة الصناعة واقامة المشاريع الصناعية التحويلية عبر الاستفادة من منتجات التمور وخاصة الزهدي في صناعة السكر السائل وخميرة التوربيلا والخل الطبيعي وعسل التمر خاصة وان بعض التقديرات تشير الى امكانية اقامة أكثر من 200 معمل لتصنيع التمور وكل منها يستوعب 200 عامل مع إمكانية التوسع بزيادة الانتاج.
  • اعتماد اسلوب المشاركة مع القطاع الخاص كقطاع مختلط لأجل تنمية انتاج التمور وبناء مخازن كبيرة لها واستيعاب ما ينتجه المزارعون بطاقاتهم الفردية وتقديم التسهيلات لهم والاهتمام بتحسين طرق التعبئة والتسويق لتشجيع الصادرات مع تطبيق التشريعات الحمائية في مواجهة المنافسة الخارجية.
عرض مقالات: