احتفل الشيوعيون العراقيون، واصدقاؤهم بالعيد ٨٥ لتأسيس حزبهم، وعاشوا أياما استذكروا فيها شهداءهم وامجادهم وصفحات من نضالاتهم الباسلة، وعبروا عن فرحتهم بأشكال عديدة، خارج وداخل الوطن، ورافقت ذلك تطورات الاحداث في الجزائر والسودان، حيث قالت الجماهير هناك كلمتها بوضوح وبصوت عال لأجل التغيير والدولة المدنية، وتناقلت وكالات الانباء التفاصيل أولا بأول.
انتهت الاحتفالات، وهدأت الموسيقى وعاد الشيوعيون العراقيون الى مواجهة الأسئلة الكبيرة التي تشغلهم دائما: وماذا بعد ذلك؟
كنا نتحدث في بيت صديقي الصدوق أبو سكينة، عن كل ذلك وعن تطورات العملية السياسية في بلادنا التي ما زالت تبدو مستعصية، أشار جليل الى ان هناك قوى سياسية تعمل بالخفاء والعلن لعرقلة الإجراءات الرامية الى احداث إصلاحات وثم التغيير، لمغادرة معادلة حكومات المحاصصة التي لم تجلب سوى الخراب لبلادنا. أكدت من جانبي أن الشيوعيين مستلهمين امجاد حزبهم، لا يتوقفون عن المطالبة باجراء إصلاحات في الدولة وعملها، الخدمات الصحية والتعليمية والإسكان ومياه الشرب والكهرباء وحصر السلاح بيد الدولة، وتوفير فرص العمل، وإصلاح القوانين الانتخابية بعد دراستها وتقديم التعديلات المطلوبة عليها. أشارت زوجتي الى أن جماهير الشعب تعول كثيرا على عمل الشيوعيين ونشاطهم، ولكن لا ننسى انه من الجانب الآخر ما زالت تعمل بنشاط مدروس منظومات الفساد وسراق المال العام لعرقلة أي جهد وطني نبيل ساعين لإجهاض أي نجاح.
كان أبو سكينة يتسمع ناقلا بصره بين المتحدثين دون أي تعليق. حاولت اشراكه في الحديث وسألته عن رأيه. فبادر لسؤالي: أتذكر يوم حكيت لي عن لعبة لغوية كنتم تمارسونها أيام المدرسة الإعدادية انت واصحابك، تسألون بعضكم البعض عن اشتقاق كلمات من أسماء الدول، وتختارون أسماء دول غريبة لتوريط اصحابكم ليقوموا باشتقاق الكلمة المطلوبة على غرار الكويت تكون تكويت، العراق تصبح تعريق، لبنان تكون لبننة وهكذا..
تبادلنا النظر فيما بيننا نحاول ان نخمن ماذا يريد القول، فضحك وواصل كلماته:
ـ اعتقد اننا في العراق بحاجة لأن تتسودن الناس، ويجب ان نعمل بجد لأجل ذلك، فبدون سودنة الوضع في العراق لا يمكن تحقيق التغيير المطلوب وبناء الدولة المدنية. فمنظومات الفساد لن تستسلم بسهولة، والشارع هو الكفيل بإيقافها، ووحدها الجماهير من ستقول الكلمة الفاصلة والى جانب من سيقف عموم الناس المبتلين بحكومات المحاصصة؟ وسيحددون هل يقفون الى جانب منظومات الفساد وسراق المال العام ام الى جانب القوى الديمقراطية والمدنية الساعية لبناء دولة القانون والمؤسسات لأجل تحقيق العدالة الاجتماعية؟