في مثل هذا الوقت من كل عام، يشيع الحزب ومنظماته ورفاقه وأصدقاؤه وجماهيره الفرح، ويسقون شجرة الامل، ويجددون العهد على ان تبقى الراية خفاقة كمعلم اصرار على المواصلة والعطاء، مهما غلت التضحيات وقست الأيام وألهمت ظلمة لياليها، عاملين وحالمين بغد آخر يستحقه شعب الأمجاد والانتفاضات والثورات.

في عيد التأسيس الـ ٨٥ احتفلنا جميعا داخل الوطن وخارجه، وأينما كنا قلنا بصوت واحد مسموع وعال، نحن تاريخ مجيد وحاضر واعد ومستقبل آت وضاء، وسنواصل طريقنا رغم الخطوب والمحن والصعوبات، مستلهمين مآثر وبطولات شهدائنا ورفاقنا الرواد الأوائل وسِيَرهم العطرة، التي ما انفكت تذكي جذوة الحماس والزهو والفخر بصواب الانتماء وحسن الاختيار.

 ويكبر الامل وتترسخ القناعة عندما يجترح السائرون على طريقهم والمتمسكون بنهجهم، المزيد في كل يوم مما يعتز به المرء ويفخر، وهو يرى الشجرة الباسقة ترتوي وتغور جذورها عميقا في تربة الوطن، التي تقدم لها الدفء والحماية من عاديات السنين العجاف وعواصفها. ولا عجب في ذلك، فالحزب ولد في احضان هذا الوطن ووسط ابنائه وكادحيه وفقرائه الطيبين، الذين رعوا ولا يزالون الشاب الزاحف نحو الـ ٨٥، وهم شهود عيان على ولادته وأصالته، وعلى نزاهته وصدق قوله وإخلاصه اللامحدود للوطن والشعب. وقد جربوه في كل الأوقات، في السراء والضراء، فوجدوه دوما اقرب اليهم من حبل الوريد.

وفِي العيد اذ تعود بنا الذاكرة الى الأيام الأول، واذ نتصفح الصفحات المضيئة لحزب فهد وسلام عادل والحيدري، نزداد زهوا ونحن نجد في خضم النجاحات والانكسارات، ان الشيوعيين لم يضعوا يوما مصالحهم الخاصة فوق مصالح الشعب وطموحات ابنائه وتطلعاتهم، ولم يسعوا الى مكاسب شخصية وضيقة انانية، ولم يتورطوا في ما يخل او يشين مبادئهم وقيمهم التي جبلوا عليها. وحتى ان اخطأوا وهم يجتهدون ويفكرون في تقديم ما ينفع الناس، تجدهم الاجرأ في تقويم مسيرتهم وتصحيح مساراتها. فرائدهم في كل ما يقومون به ويضحون من اجله، هو الانسان وسعادته ورقيه.      

  وتغدو الصورة اكثر ألقا وتتكامل اللوحة، بما يضيفه اليها المنصفون والموضوعيون من ابناء شعبنا، الذين تزدان قائمتهم وتتوهج على الدوام بأسماء جديدة، وبما يكتبونه عن الحزب ومغزى تأسيسه وما قدمه للعراق والعراقيين على اختلاف اطيافهم، فيما تبقى موضع تقديرهم الكبير إسهاماته المتميزة في دعم الثقافة والعلم، وانحيازه لقيم التحرر والانعتاق وحرية الفكر والمعتقد، ونضاله المتفاني من اجل الديمقراطية والاستقلال والعدالة الاجتماعية.

 هذا هو حزبنا الشيوعي العراقي، وهذا هو مغزى الاحتفال بولادة ربيع الحركة الوطنية، فالأمر لم يعد يخص الشيوعيين وحدهم، بل غدا بحق عيدا للشعب وهو يحتضن وليده المتماهي مع أهدافه وتطلعاته.

في عيد الحزب وفِي كل عام، نجدد اختيارنا له ولقيمه ومثله النبيلة، ولفكره الذي نسير في هديه الى بر الامان والحرية والعدالة.

عرض مقالات: