قبل يومين تشرّفت بتقديم الجلسة الاحتفائية التي أقامها الحزب الشيوعي العراقي في قاعة منتدى بيتنا الثقافي ببغداد لتكريم الشاعر الكبير يحيى السماوي والاحتفاء بمنجزه الإبداعي، الحقيقة أقول: كان التكريم عراقياً بشكل، والدموع التي اخضلّت بها وجنتا السماوي وهو يسمع الكلمات التي ألقيت بحقّه شاعراً ومناضلاً وإنسانا من قبل محبّيه كانت دموع فرح بعمره كله حيث قال: لو خيرت بتسجيل يوم ميلادي لقلت أنا ولدت هذا اليوم! والحقيقة أقول أيضا :ــ شعرت بالزهو والفخر وكأنني المحتفى به ، لأن أيّ احتفاء بمبدع عراقي هو احتفاء بكل المبدعين بشتى أجناس كتابتهم ، والدموع التي اغرورقت بها عيون السماوي ومحبيه هي الفرح العراقي الخالص من كل شائبة ، حيث أن المبدع ينتظر تكريما له في حياته ليعرف حجم الحب والأمل الذي منحه للآخرين وهو يحرق زهرة أيامه بالبحث والقراءة والكتابة ، حينها تذكرت الدموع التي اغرورقت بها عينا الراحل محمود عبد الوهاب عندما أقام له الحزب الشيوعي جلسة احتفاء وتكريم في قاعة عتبة في البصرة ، كما شاهدتها في عينيه حين أطلقنا على قاعة اتحاد أدباء البصرة اسمه وطلبنا منه أن يفتتحها ، كان يرتجف محبة وفرحا وهو يمسك بالمقص ليقص الشريط حيث قال :ــ الآن أحسست بأنني عشت حقا ! وهذا ما شاهدته أيضا عند تكريم الشاعر كاظم الحجاج في مربد العام الماضي وحينما احتفي به عند تكريمه بقلادة صادق العلي للإبداع!
لهذا اكرر قولي ألف مرة: المبدع لا يعنيه أن يكون التكريم ماديا أو معنويا، الذي يعنيه هو إحساسه بحجم المحبة التي سكنت قلوب الآخرين وتألقت بتكريمه والاحتفاء بمنجزه الإبداعي، وعليه يجب أن يكون التكريم لكل القامات العراقية المبدعة، ومن جميع الجهات الحزبية والحكومية، لأنهم حصة العراق ونجومه المتلألئة في كل زمان ومكان!
وأعود إلى السماوي يحيى حين تحدث المتكلمون في يوم تكريمه عن دوره الكبير في انتفاضة آذار الخالدة عام 1991، وهو يقود جموع المنتفضين في مدينته ليزلزل عروش الطغاة ويدك معاقلهم، وهذا يشجعني على ان اطلب منه أن يروي هذه الأحداث ويدونها بكتاب إبداعي ليكون وثيقة تاريخية عن دور جموع الشعب بكل فئاته وطبقاته في تلك الانتفاضة الكبيرة التي كانت المسمار الذي اندك في نعش الدكتاتورية وهيأ لسقوطها المريع!
تكريم السماوي وجموع الحاضرين الذين غصت بهم قاعة بيتنا الثقافي وكلمات المحبة الممتزجة بدموع الفرح الكبير هو عنوان فخر لكل مبدع عراقي، أتمنى أن يحذو الآخرون في أي مؤسسة حزبية كانت أو حكومية إلى الاحتفاء بمبدعي العراق وهم أحياء كي يعرفوا ويلمسوا حجم الحب الذي يحمله الناس لمبدعيهم!
تكريم المبدع حياً يمنحه عمرا جديدا وطاقة اكبر للإبداع من جديد وأكثر.
شكرا للحزب الشيوعي العراقي وهو يحمل مبدعيه في القلب والضمير ويدور بهم نجوما متلألئة في سماء الوطن!