اذا كان حفظ الأمن أول وأهم واجب من واجبات الدولة، واذا كان حفظ حياة الانسان هو ما شغل اذهان المفكرين منذ نشوء فكرة الدولة في التاريخ السياسي للبشرية، فكيف لنا ان نقيِّم الأداء الأمني للحكومة بعد اغتيال المثقف البارز والناشط المتميز الدكتور علاء مشذوب، وسط مدينة كربلاء وفي مكان تنتشر فيه كاميرات المراقبة، فيما يبقى القاتل مجهولا؟
لم يقم الشهيد علاء مشذوب الا بواجبه كمثقف، حين سلط الضوء على المهمات الاساسية للدولة، وضرورة اهتمامها بتحسين حياة مواطنيها الى مستوى يليق بحياة الانسان في القرن الحادي والعشرين، بحيث يتوفر على حدود معقولة من متطلبات حياة الإنسان، تصون كرامته.
ويتعرض المثقف والناشط ضد المحاصصة والفساد ومن اجل حفظ كرامة العراق، الى شتى انواع الانتهاكات، بضمنها التشهير والتشويه والتعرض المعنوي باشكال متنوعة، وصولا الى التصفية الجسدية.
وان أحد مقاييس نجاح الحكومة في أداء واجباتها اتجاه المواطنين، هو معيار التقدم في الجانب الأمني. وفي هذا الجانب لا يمكن الاطمئنان الى تحسن في الاوضاع الامنية، مع وجود ظواهر انتشار السلاح، وتحرك العصابات المنفلتة، والتي تعد أحد معوقات بناء النظام السياسي الجديد.
ان اقتراف جريمة الاغتيال المروعة وبقاء القتلة بعيدين عن قبضة العدالة، يعززان تبديد الثقة بالأجهزة الأمنية، التي يفترض ان تكون حماية المواطن وأمنه في مقدمة أولوياتها.
وهناك سؤال لم نكف عن طرحه قبل الآن: متى نقرأ خبر إلقاء القبض على قتلة كامل شياع او هادي المهدي او قاسم عجام، وقبلهم القيادي في الحزب الشيوعي وعضو الجمعية الوطنية العراقية وضاح عبد الأمير (سعدون) والقائد العمالي هادي صالح (أبو فرات)، والعديد غيرهم؟
متى نشعر أن لا مكان في العراق يؤوي القتلة ويحميهم من العقاب؟ متى نشعر ان لا منفذ امام من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين للإفلات من قبضة القانون؟
يبدو ان التحسن في الوضع الامني لا يبدد القلق ازاء الافعال الشنيعة للمجرمين، الذين لا يروق لهم هذا التحسن، الجدير ان يصبح منطلقا قويا للعمل على حصر السلاح بيد الدولة.
نعم، لا إعفاء للدولة من واجبها في القبض على القتلة، دون أن تستثني أحدا منهم.

عرض مقالات: